أتذكّرُ ..
أوّل لقاءٍ لنا في مقهى يعمُّهُ السّكون ،
كنّا لوحدنا مع مشاعرنا المنافِقة ؛
ليصير موتها شاهداً على يدي.
أتمعّنُ في الشّاماتِ المستوطنةِ على وجهها ..
وفي عينيها الجميلتينِ التي أخذتْا من خضارِ الرّبيعِ وصفاً لها ، كانَ هذا هو اللقاءُ المنتظرُ بعدَ عامينِ مِنَ الحُبِ والمراسلة.
متوترٌ وأتعرّقُ لدرجةِ أنّ حرارةَ الشّموعِ الموضوعةِ على الطّاولةِ الخشبية .
كانتْ تزعجني لكن لا بأسَ بقليلٍ من الرّومانسية ، جاءَ الجرسونُ فطلبتُ قهوةً من التي أعشقها وهي طلبتْ طلباً مماثلاً تحاولُ تقليدي بكلِ شيءٍ حتى في طلبي ؛ للفتِ الانتباه ولتزيدَ عشقي لكنها لم تدري ما الآتي……..
أنظرُ لها بعدَ حديثٍ طالَ الكثيرَ من الدّقائقِ لكن في حديثنا لا مكانَ للوقت ، أنتظرتُ سكوتها لتصغي إلى كلامي العميقِ الجارح وحين انتهت من الكلام ، كانتْ أولُ كلمةٍ أقولها:
أتذكرينَ عندما أرسلتي لي رسالتكِ القاتلة وطلبتِ عدمَ تكرار حديثي معكِ مجدّداً
لا كصديقٍ أو لا كحبيب ؟!!
استَغربَت
أتذكِّرني بهذا ؟
هذا في أوّلِ لقاءٍ لنا،
لكنَّها بقيتْ مصغيّةً ولم تتحدث إلا بنعمْ،
قلتُ لها : في ذلكَ الوقتِ كانَ هناكَ شخصٌ قد تنبأ بمستقبلنا ووعدَ بأنّهُ سيكونُ كارثياً علينا وعندما كنّا في خِضمّ الحديثِ وصلتْ رسالتكِ
كنتُ مصعوقاً من كلامهِ ، ألعنُ القدر..
لكن كان وعدي لكِ أعمقُ من كلامه، حاولتُ عدمَ البكاء لكن خانتني عيناي وخانتْ الكلماتُ سطوري
..فلم أكنْ أحترفُ فنَ انتقاءِ الكلمات،
قالتْ لي إذاً تريدُ الرّحيلَ والفراق؟! حاولتُ التبريرَ لها لكنّها لم تصغي ، حاولتُ الإمساكَ بيدها لكنها وقفتْ برهةً وذهبتْ مسرعةً قبلَ أن أراها تبكي .
لكنّي ..لمحتُ عيناها الحمراوتين ، وشعرتُ بحرقةِ قلبها ..
كانَ هذا الكلامُ الذي حدثَ بيننا قبلَ سماعي لخبرِ وفاتها بسببِ صدمةٍ حدثتْ معها وفقَ كلامِ الطبيب،
فكيفَ لي أن أسامحَ نفسي…؟!
لكن بعد ماذا؟ بعدَ فواتِ الأوان ،
أتمنّى عودتها للحياة قبلَ عودتي
فيا موتُ !! عندَ بابها انتظر ….انتظر قليلاً
أنا قادمٌ إليكَ .