أربعون
(1)
الشوارعُ …. أطولُ من أن تتنفسَها ….
أو …. تدخِّنَها …..
أو …. تودِعها رأسَك الهشَّ …..
الشوارع … ممدَّدة بعرض دمِك …..
الذى صارَ طيِّعاً جداً …!!!
(2)
هواجسُ العصا و الحجر …
تنفجرُ فى اثنتىْ عشرةَ موضعاً من جسدك
الذى أبلَتْه أبخرة المداد الأسود ….
ورناتُ المحمول …
و أزيزُ أجهزة الكات سكان
هواجس العصا و الحجر ….
لا تبارحُ عينيك
ولا يبرحُها قلبك ….
العاجزُ عن الانتظام فى الدَّقِّ …!!!
(3)
ببلادةٍ …
يتثاءبُ المللُ المطلُّ من سعالِك الصباحىِّ
فتنثنى سبابةُ لضغطِ زرِّ المُنَبِّهِ …
لكى لا يوقظَ تلك التى أربكها قلقك الليلىُّ
دون أن تتمكن …
من اختراق قشرة الثلج السميكة …
التى لا تزال مصراً على الاستلقاء فيها
(4)
بلادى و إن جارتْ …. فما أنت فاعلٌ
ولست بمستبق أحداً ….. أنت راحلٌ
فهيِّئْ لقلب الريح فى الصدر موئــلاً
ورتب رحيلاً لم تطقْهُ الأوائلُ
(5)
هكذا تنصرمُ البلاد … كما تنصرمُ السنون
تصادفُ أربعين مصراً …
جاوزتْكَ فى المفازة …
تتركها ملقاةً فى العراء
و كأنَّها ما عاشتْ فيك كلَّ هذا الدهر
أو كأنك ما عِشتَها ….
أو كأنك ما عِشتَنى ….
(6)
أبى ..
أنا الآن منفىٌّ فيك …
قَدَرُك أنْ أتمَّ قدرَك …
وقدَري أنْ لا أتمَّ قدَري ….
أبى …
المسافةُ ما بيننا صارتْ موغلةً فى القدم
صارتْ حُجُباً …
صارت أبعدَ مِن قطعِها بنداءٍ جهيرٍ ….
أبى ….
الشوكُ الذى ألبستَنيه على رأسى أنبتَ بضعَ زُهَيْراتٍ …
لا تجتذبُ النحلَ ولا تردُّ الطيرَ ولا تتدبَّرُ أمرَها دونى ….
أبى …
التعلُّقُ فى البريَّةِ صعبٌ
ولا صوتَ لى لأصرخَ …
لا آذانَ لى ..
لا قلبَ …
ولا أوردةً تتحملُ دقَّ المسامير أو نصلَ الطَّبَقِ الفِضىِّ أو مزقةَ المنشارِ الآخذِ عمرَ الشجرة …
أبى ….
البرِّيَّةُ ترفضنى …
و بنوكَ يمتحنوننى …
وعقلى خاوٍ ….
لا كلماتٍ لى أردُّهم بها …
أو أهشُّ بها عليهم …
أبى … يا أبى …
لماذا ترتكتَنى .. ؟؟ !!!!!