قلتُ لها :
هذا البحرُ مرآة
وبعضُ المرايا مالحة ..
هذا الضُّوءُ عاجزٌ
لا يستطيعُ أن يشقَّ تلك المرآة
كأنَّه يتخثَّرُ مثلَ الدَّمِ في الشَّرايين ..
سأخرجُ من المِرآة
سأُقيمُ على الورق
مثل قصائدَ لا تموت
سأصيرُ حروفاً
وأصيرُ كلمات
ما أجملَ الوجهَ
حين يصيرُ الوجهُ كلمات ..
سأخرج من المِرآة
وأحطُّ على أغصانِ الأشجارِ كالنَّدى
يطوفُ حولي طيرُ حمامٍ وغراب
أُصغي إلى الهديلِ
أُصغي إلى النَّعيقِ
فأصرخُ
ينكسرُ الصَّوت
يغيبُ الصَّوت
في لُجَّةِ الضَّجيجِ ..
سأصمتُ
لعلَّ الآلهةَ تأخذني إلى عالمٍ من فراغ
هناك .. سأُمارسُ طقوسَ الرَّغبةِ
وطقوسَ الصَّلاة
سأملأُ الفراغَ المهجور
بالسُّهولِ
بالبحارِ
بالأنهارِ
بالأشجارِ
بالأزهارِ
بالأمطارِ
باللَّحظاتِ الجميلة ..
سأرمي عكازيَ المكسور
وأستعيدُ الغيابَ
من فمِ الحضور
سأفتحُ نوافذي على المساء
ليدخلَ الحلمُ بلا خجل
ليصيرَ لليليَ معنى
فأُسمِعَ النَّاسَ غناءَ الحجر
وعناقَ الموجِ للرِّيح ..
سأجمعُ الأصيلَ والفجر
في قصيدةٍ واحدة
وأرسمُ أحزاني
بألوانِ قوسِ قزح
وأدخلُ مع عينيكِ في حوارٍ عميق
يأخذني فيه خيالي الطُّفولي
إلى ماضيَّ المضيء ..
سأستعيدُ الزَّمنَ العتيق
من أنيابِ ذاكرةٍ مالحةٍ
كأنَّها المدينةُ
كأنَّها الخوفُ
كأنَّها الفقرُ
لا زهرَ فيها ولا رحيق ..