مطر
مطر
مطر
ينداح سادرا في مزارب الحقول
وتجعر السماء كالنشيج
والبحر والمحار والخليج
محمولة على براق من حديد
والرعد صوتا حاضنا، حين تقرع الطبول
والليل قد يطول ،
اعواما أو فصول..
والبرق محمولة ناره على جناحي فراشة من غمام..
فماذا رأيت يا ايها الفتى النحيل ؟
رأيت سحابة سوداء وكأنها بقايا من دخان
تظلل المكان والزمان
واﻷرض بقايا من بركان خامد،
وفجاة كأنه قد ثار
وجبالا رأيتها تقدح الشرار
وبيوتا مصنوعة من طين أو فخار
وكأنها أعجاز نخل خاوية!
وبقايا من اشباح ، رأيتها تسير
نحو الهاوية..
تارة على اﻷحجار يرتمون ،
ومرة تحت جذوع شجرة..
وماذا رأيت أيضا يافتى ؟
رايتها جبالا تمور كاﻷجداث
ومدارجا كانت تغص بالشعير والذرة..
صارت وكأنها بقايا من إرم..
وماذا رايت أيضا يافتى؟
رأيت بقايا من أوثان محشورة داخل الكهوف
وحولهم مجامرا تطوف،
بالبخور واللبان
وأطفالا ونساء وشيوخا ، امامهم كانوا يسجدون..
وكأنهم أقنان..
والسادة اللصوص والكهنة المارقون ، رأيتهم يتهامسون
وعلى رقابهن رايتهم يعلقون تمائما ،
وعلى خصائرهن الناحﻻت، رأيتهم يتغامزون
ويعدوهن بجنة مزيفة ، ليس في السماء..
ولكن تحت المقبرة!
وماذارأيت أيضا يا فتى ؟
رأيت ارضا وجبالا وبحارا واسعة
وسفن تسير وكانها من دون أشرعة
وفي متونها رأيت رجاﻻ ملتحين..
ﻻ هم عرب وﻻ هنود..
وﻻهم نصارى وﻻ يهود..
وﻻ هم شوافع وﻻ زيود..
لكنهم يقدسون النار والدخان
وعلى رؤوسهم بقايا من إيوان
أظنهم يقايا من مغول أو تتار
يمخرون البحر والعباب
من هرمز إلى عمان..
وليس معهم ﻵلئ وﻻ محار
يتوجسون إذا راوا حمامة محلقة
او سمكة تنط في وسط البحار
وماذا رأيت أيضا يا فتى ؟
رأيت هناك أشﻻء لجثث مبعثرة
وبعضها تعلقت فوق جذوع شجرة ،
وبعضها قد رحلت مع السيول
فلعلها تجد عند الضفاف، مقبرة
وبيوتا رأيتها مصنوعة من القصب والطين ،
وحولها أطفاﻻ يصرخون جائعين..
ونساء كالحات رأيتهن يبحثن عن بقايا من طحين
ومرة ياسادتي رأيتهن يتناثرن ذات الشمال وذات اليمين..
وماذا رأيت ايضا يا فتى ؟
رايت بﻻدا تثور كالصحراء ،
وحولها تتصارع اﻷسود والضباع..
وسماءها ياسادتي، ﻻتعرف النجوم
كما لو أنها كانت ارضا مشاع
وفي متونها كانت تعيش أمة فقيرة..
وأهلها -يا سادتي – كانوا رعاع
أرض البخور واللبان
وحولها كم تقاتل المجوس والرومان…
ومن بعيد يا سادتي ، رأيت شعلة تضيء
وكأنه القرميد..
أو نجمة عادت بها السماء من جديد
وحولها رأيتهم جموعها الغفيرة..
شعثا ..غبرا..وكأنهم حجيج.
رأيتهم يمتطون صهوة اﻷسود
وباياديهم السمراء رايتهم يحملون ،
سيوفا وأقﻻما وازميﻻ او حديد يعودون كما ولدتهم أمهاتهم اول مرة
وتشرق الشمس من جديد..
ومن وراء قبره ، يتبسم الشهيد.