الطفل الذي استعاد أحلامه/ بقلم:سعيد العكيشي ( اليمن )

الطفلُ الذي تسلّقَ بقدمين
عاريتين من الدفء
زمنًا طاعنًا بالندوب،
لازالُ عالقًا هناك،
كأنّه دمعةٌ نسيها
على خدِّ التاريخ.

خذلتهُ
دفاترُ المدرسة،
المقاعدُ التي بكت من الوحدة،
جدارُ البيتِ، حين تقشّر،
الوطنُ،
حين كسر القلم من بين أصابعه
وزرع في راحته رصاصة.

نفتهُ الحياةُ داخل
زنزانة صبره،
وتركتهُ على عتبةِ العالم
عاريًا من الحلم،
مُثقلاً بالخذلان.

يمّم وجهه صوب الحرب
كمن يصلي لعدوٍّ غائب،
وترك لأمّه وسادةً لا تنام،
ولأبيه
غصّةً متحجّرة في الصدر.

الطفلُ الذي
رأى آلهةَ الحرب تشربُ
من نهرِ الدم،
وجد لعنتها في جرحه،
ولم يجد السؤال الذي
يُربكُ عرشَها.

الطفلُ الذي
يتحسّس رأسه كل صباح،
ويبتسم بمرارة كلما أيقن
أنه لا يزال على قيد الحياة،

تسلّقَ جبلًا يعلو على نفسه،
يجرُّ خوفهُ كسلسلةٍ،
والغموضَ يتدلّى من كتفيه
كالذي يرتدي معطفاً ثقيلاً
في حر شديد،
لا يعرف كيف يخلعه.

حين بلغ القمّة،
أطلّ على المدينةِ النائمة
كقلبٍ فاقدٍ للنبض،
رأى النوافذَ
أقمارًا مطفأة،
والشرفاتِ
تتلصّص منها أشباحُ الخوف.

تذكّر
سربَ الجنائز اليومية،
وكيفَ كانت الحسرة
تأكل قلبهُ قطعةً قطعة.

الطفلُ الذي تخلّى عن أحلامه،
عادَ يبحثُ عنها
بين الركام والدخان
وبقايا الشجر المحروق،
وفي العيونِ الذابلة للمزارعين.

قال:
في هذه الجبالِ
أحجارٌ تنامُ على كنوز،
في باطنها وطنٌ ممكن…
لكن،
من يُوقظ الحجر؟
ومن يُقنعُ الجبل
أن يصير طفلًاً
يحلم… من جديد؟

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!