تقاسيم شعرية مبللة برائحة الحرب / بقلم:حسين العبيدي(بغداد)

كنت في كل مرة تصم أذني
جلبة الحرب
أفكر بركوب البحر ، فأقول
لك :
– علينا أن نغافل حراس الشواطئ
ونكتري زورقا ينجينا من
الغرق
أو يؤجله حتى حين في أسوء
الأحوال
لكنك تردين علي وتقولين :
– ليتنا نغرق ، وننزلق بهدوء في
سرير الماء البارد
نصافح قبل أن نغفو أصدقاءنا
الغرقى
ثم ، نتراص معهم منتظرين
اليوم الموعود
ليتنا نغرق ، ففضلا عن هكذا موت
أنيق
سنجد في الجانب الآخر حتما
ضفة أكثر زهوا وامتلاء
من ضفة حياتنا هذه الشاحبة

+++

كنت في كل مرة نضع رأسينا
على أرصفة الليل
أقول لك قبل أن ننام ملء
أحلامنا :
– لماذا تخافين من أن نعود
إلى المنزل
لماذا تركنا أفرشتنا الدافئة
ووسائد الريش ؟
لكنك تردين علي بالقول :
– أنا أخشى السقوف والبلاد
في حالة حرب
فقد تهوي علينا بغتة ، وتشيد
لنا قبورا خفيضة تحت
ركام الأنقاض ولا يراها أحد
فضلا عن ذلك ، يراودني هاجس
بأننا قد نستيقظ ذات يوم
من أحلامنا تلك
لنجدنا قد تحولنا إلى شجرة
على الرصيف
يستريح في ظلالها العابرون
وتكتظ عليها العصافير

+++

كنت في كل مرة ، تستعر فيها
الحرب
ويتكاثر فيها الموتى ، وتتسع
المقابر
أقول لك بنفاد صبر :
– هيا ..لنرزم حقائبنا على عجل
ونغادر برا
دون حتى أن نلتفت إلى الوراء
فتردين علي من فورك
وتقولين :
– وإلى أين نولي وجهينا أيها
المعتوه
فكل النهايات في المدن ، تتشابه
ولا فرق أن نقضي هنا أو
هناك
سوى أن روحينا تألف المقابر هنا
ولا تغدر بها الوحشة أبدا

+++

كنت في كل مرة ، ينزل فيها
المطر
أدعوك أن تدخلين تحت مظلتي
خشية البلل
لكنك بدلا من ذلك ، تمسكين
بالمظلة وتطوحين بها في
الريح
ثم ، تشبكين يدي
وتركضين بي في الشوارع وأنت
تقولين :
– هيا أيها المجنون نغسل قمصاننا
بمطر الله
كي نزيل عنها رائحة الحرب
ونمسح ما علق بأغنياتنا من أملاح
ودموع
ونبقى نركض حتى يظن كل من
رآنا
أننا مجنونان فعلا هربا لتوهما
من المصح العقلي

+++

لا أدري
لماذا كنت في كل مرة تردين
فيها على ما أقول
أجدني أهز رأسي موافقا
راسما بقناعة علامة الايجاب
وفي كل مرة ايضا ، استل
سيجارة من علبتي المفضلة
وأدخنها باسترخاء شديد كأنني
ملك غلبه النعاس !

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!