روح قابلة للتعديل / بقلم : الشاعر عيد بنات

خمس دقائق تكفي
لأعدل قامتي قليلًا
وياقة قميصي، وربطة العنق
أنا الآن أرى صورتي
تحلق مثل طائر خفيف في سهول الذكرى
لست بحاجة إلى قلبي الآن
ففي المرايا
لست بحاجة إلى دمي
تلك هي صورتي التي ذابت في الغياب
***
خمس دقائق تكفي
لأعدل قامتي قليلًا
وأرتب شكل الحياة
في المرايا لست بحاجة لرئتي لأتنفس
ولا إلى شرايني
ولا إلى طيبتي التي تركتني مثل ضباب خفيف
لست بحاجة إلى دمي
لأن دم المرايا لامع وخفيف
سأترك قلبي ، مهجورًا قليلًا
يكفيه ما يكفيه من طرق الحياة
فالحياة في المرايا بسيطة
لا تحتاج لمقعد كي تجلس حين تخذلك قدماك
أو أن تزيل نمش الحياة عن وجهك، أو أن تصرخ، أو أن ترتبك
فأنت خفيف كفراشة نسيت لون الورد
أنا الآن مقشر من الحزن مثل خزف برّي
لست بحاجة إلى بيت
يحميني من المطرالساخن الذي يطرق الذكريات
لست بحاجة الى عينين خضراوين لأرى
فالمرايا عمياء
ترانا ولا نراها
تلمسنا ولا نلمسها
لست بحاجة الى حواسي الخمس
لأشم قرنفلة الوجع التي نبتت في أعالي المساء
لن تحك وجهي أمرأة بشهوهتها
سأرتاح قليلًا
سأكون منزوع الحواس ،
وتائه في الفراغ

***
خمس دقائق تكفي
كي لا أتحدث عن الحرب، أو عن العشق،
أو عن هندسة القبر
لست بحاجة إلى صوتي
لأهمس لحبيبتي التي غابت خلف تلال البهجة
فالأصوات تموت في المرايا
****
خمس دقائق تكفي
لأمحو طيبتي ، وكل صفاتي
لأارى صورتي الأخيرة
مثل منديل تنمرت عليه الريح
لذلك ألقيت بهيئتي ،
في الماء ،
ونظرت كثيرًا
في فضاء مستحيل

***
خمس دقائق تكفي
لأعدل رقبتي قليلًا
وأجفف الفراغ السحيق الذي تراكم داخل عيني
الذين غرقوا في الصور
لا يعرفون معنى أن تكون
مائلًا قليلًا
ومهزومًا كثيرًا ،
نحن في المرايا
أنقياء ، بلا ذنوب
يرانا الآخرون
ولا نراهم
صور تلمع في الزجاج
والزجاج شهقة التراب
والتراب مثوانا اللامع الأخير
***
خمس دقائق تكفي
لأكون بلا قدمين تحملان جسدي الخفيف
لست بحاجة إلى يدي المتلعثمتين، لأقطف تفاحة الدنيا ،
فأنا هائم في بئر اللمعان
أرى ظلالي ميتة
ولا اكترث لصوت العصافير، ولا للمطر
ولا للبرد، ولا للنوم ، ولا للصيف
ولا للبرق الذي يلمع في دمي
لن أحزن حين يموت أخي، أو يموت كل من في الحي ،
ليس هنالك حزن في المرايا
حتى لو أنكسرت وردة
أمام عاشق ذاب في الكلام الجميل
لا أشعر بتساقط الثلج المالح على شفتي
حين يهشم الانتظار قلبي
ولا بتدافع الفصول على نافذتي ، ولا بالخوف اللذيذ
لا أتلعثم حين تسقط ابتسامة على حافة عيني
لا أعرف ملمس البكاء
أنا نسخة أخرى منسوجة في الأرض
هكذا ادلف إلى الغياب
لي يدان ، ووجه ضاحك ، وملامح أتصنعها
لي خمس دقائق تكفي
لأرتب ياقة قميصي
وقصة شعري
وأخرج مهزوما
بعد أن أرتدي الحذاء
———–

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!