وحيداً،
ومطرٌ خافتٌ
ينسلُّ على عتبةِ الليل
كهمسٍ خجولٍ،
وقلبي كغُصنٍ يابسٍ
يتكئُ على ذاكرةٍ
نهشتها الوجوهُ، ولم تترُكْ فيها سوى نُدُبٍ
تُحاولُ الأحلامُ أن تُداويها،
فَتَجيءَ بلونِ النهر
عذبةَ الملامحِ، تتبعُني حيثُ أَمضي..
كأنَّها الأمسُ،
يُرممُ في صمتٍ
ما خرَّبَتهُ العواصفُ…
لا أحدَ يطرقُ البابَ
ولا أحدَ ينتظرُ خلفهُ،
فالبيوتُ صارت صدىً،
والأزقةُ تنامُ على وسائدِ الغياب،
وأنا في آخرِ قطرةٍ من الهمِّ،
لا رُكبانَ تعبُرُ نحوي
ولا دابَّةَ أملٍ
تدنُو من هذا التيه…
سكونٌ ثقيلٌ، ووحشةٌ تمدُّ ظلَّها في القلبِ..
حتّى الشياطينَ – يا صاحبي –
ملَّت كأسَ وحدتي،
وما عادت ترقصُ حولي،
كأنَّ خمري قد جفَّ
أو كأنَّ روحي
قد تابت عن لهوِها القديمِ…
يا هذا الليلُ:
ما أَرحبكَ حين تضيقُ الدنيا
وما أَضيقكَ حين تفيضُ الروحُ
بما لا يُقالُ..
