صافحوا – نيابة عنّي – كلاب الشّوارع
الّتي لا تكشّر لنا عن أنيابها
لأنّنا من سلالة فقر واحد
والبحّار الصّغير – النّائم في برميل – على رصيف الميناء
لأنّ أمّه مازالت تغزل حزنها
لتنسج منه أغطية لإخوته الصّغار
وأبوه كان يطارد رغيف خبز حين اغتاله طريق اسفلتيّ سكران!
صافحوا، أيضا، لأجلي:
أعواد الثّقاب التي لم تَحُثّ أطفال النّار على اللّعب في الغابة
ولا على الرّكض في آخر حقل يتَكَلَّمَ لُغةَ القمح..
الطّائرات الورقيّة التي علقت في أسلاك الكهرباء
ومع هذا
لم تُطلق رصاصة واحدة على ضحكات الأطفال
ولا أَقدَمَتْ على عمليّة “كامي كاز” واحدة
لتنتقم من أصابع الرّيح وهي تنتقي باقات الغيم الأبيض
من أجل مواعيد العشّاق فوق سطوح المنازل..
وصافحوا حاويات القمامة التّي تخبّئ ولائمها للمتشرّدين
حتّى لا تراها عيون الحكومة
فتفرض عليهم ضريبة “رفاهيّة الجوع”.
صافحوا – نيابة عنّي – كلّ هذه الأيام
الّتي تحاول أن تمرّ سريعا
فوقنا/ علينا/ عبرنا
حتّى لا تنغرس حوافرها عميقا جدّا فينا
فلا تَكْبُرَ، داخلنا، الانتظارات الشّائكة فتصير مهرجانات يوميّة للحزن..
وصافحوا الهاربين
من زحمة هذا العالم
إلى عيونهم المعلّقة على حيطان الفراغ
و إلى فناجين القهوة و إلى دخان السّجائر
وصافحوا الهاربين
إليهم
من كلّ شيء!
من أين أتَيتَ لترانا بكلّ هذا الوضوح؟!
تسألني وأنا أصافحها
جثث أطفال كانوا سيشاهدون التّلفاز
وسيصفّقون، بسعادة، لأنّ نفس الطّائرة التي قصفت حيّهم
نجحت، في بلد آحر، من انقاذ قطّ علق في شجرة!
نفس الأطفال
لو أنّهم كبروا
لصاروا يحلمون بالحصول على جائزة نوبل للسّلام
كما حصل عليها ذلك الجنرال
الذي
أمر
بقصفهم…
ثمّ كلعبة مبتكرة، أعاود مصافحة جثث الأطفل
و في كلّ مرّة، أترك بين الأصابع الصّغيرة لجثّة من جثثهم
إصبعا أو إصبعين من أصابعي
ليلعبوا بها في عرضهم الصّامت
ونضحك – سويّا – بهستيريا
دون أن أجرؤ أن أقول لهم إنّي،
في حياة سابقة،
كنتُ أعملُ قذيفة
وأنّ أصابعي تلك
شظايا
أصابت،
في حكاية أخرى،
أطفالا كانوا يلعبون بطائراتهم الورقيّة
وعَاشِقَيْنِ كانا يتبادلان أحلاما ورديّة عند شجرة برتقال.