عَطاءٌ لا يَنضَب/بقلم:سامية إسماعيل

هي المَلاذُ الآمن، هالة النور والإلهام، محفل الإيمان والقوة، المدرسة الأولى، والمأوى الأرحب.. الحبّ الأصدق، والصديق الأحبّ، قِبلة القلب الأولى والملاك الخفي!

أسمى رموز الحياة، منبع الحنان، ورمز التضحية، رفيقة النور والظلام، وأنيسة الظروف الحالِكة.. جِسرًا نعتلي صهوتهُ ركضًا إلى الجِنانِ.. والوُجهةُ أقدامُها!

*الأم

تبدأ خوض تجربتها الفريدة، ورحلة أمومتها منذ اللحظة الأولى التي تحمل بها جنينًا بأحشائها الحنونة.. تعيش فيها صَخب مراسيم حفلٍ يقيمها كائن صغير بشَغب؛ بلَـكماتها وآهاتها.. لكنها تعيشها بحب واحتضان!

تبدأ الحياة ونحن مغلفين بحنانها ورعايتها، وتنتهي ونحن آمنين تحت سقف دعواتها..

أُمّ! وسنعقد بقلوبنا تاء مربوطة كونها “أُمّة” بكاملها..
فَرد! لكنها كثيرة؛ لكنها استثناء عظيم بين نساء العالمين..

يالرَحابة الحياة وفيها صدى صوتها، كل ضياء في غِيابها غَيَاهِب من ظلام!
لا شِعر يُوفيها، لا نثر يحويها.. لا الصحف ولا الأقلام..

تمتلك هذه المخلوقة الجميلة أفتَك مستحضرات التجميل؛ من لين عقلٍ، وثقافة أخّآذة، وابتسامة فاتنة، ومساحيق الأحزان ودكّ الضجر!

تجسّد هذه الأم صورة العطاء اللامشروط، والحب الخالص.. حيث أن دورها لا يقتصر في تربية، وسهر، وتعب.. فحروف اسمها كفيلة لريّ ضامئ..

خليلة الأرواح، متكئ القلوب، لها أياد تنتشل المرء من قيعان اليأس إلى سحائب الأمل والبهجة.. وجه الأمل، وجه الخير، ووجه الحبّ وعيونه!

تُشاطِر أبناءها الأحزان.. سُرعان ما تَلتَهِمُها لوحدها.. وتهبُ لهم الرَّغيف كاملاً بلا مُشاطرة!
تصبّ عليهم السعادات صبًّا؛ فقط بدعوة.. وتعيد لأرواحهم الحياة؛ بعناق!

نابضة بالدلال والجمال والسلام، وأطنانًا لا تُحصى من الحبّ.. هي المعجزة التي يُؤَيَّدُ بها أبناؤها
ظلها؛ للعتمات نور،
كفّها؛ دليل الخطى،
وقلبها؛ المأوى
مبسمها؛ ضياء الشمس إذ طلعت
وعيناها؛ كوكبانِ دُرِّيَّان..

تلك المخلوقة الفريدة، نبراسًا للجمال والكمال.. تستحق أن يُحتَفلُ بها كل يوم، وأن تُجعَل محبّتها واقعًا ملموسًا.. فنحن اليوم، وكل يوم مدينون لها بكل ما وصلنا إليه..

ثم والله أن رشاقة الأحرف، كل الأحرف عند الحديث عنها تثخن! وكل الكلمات المحبوكة، والأوصاف المسبوكة عند أحرفها تعقَم.. فبِمَ يُختم الحديث عن تلك المُعجِزة!

فتَّشتُ لأكتبَ عن أُمِّي ** فذُهِلتُ بأني أنا الأُمِّي
وقصدتُ لأُوصِل مرسال ** لن يصلَ لها حتى بدَّمِّي

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!