في بيتنا القديم
خبّأت سنواتٍ من عمري
لا أذكر عددها
ولكنّني أذكر مكانها
بعضها وضعته بين رواياتي التّي
كان أبي يمنعني من قراءتها
إلّا في أيّام العطل
كان يقول أنّ الدّراسة أولى بكلّ الاوقات
خاصة وأنّني كنت انتمي إلى شعبة علميّة
بعضُا آخر غرسته
بجانب شجرة الزّيتون الوحيدة
التّي ورثها أبي عن والده
احتفظ بها رغم أنّها لم تثمر قطّ
في مواسم الجني
تكون صابة ذكرياته وفيرة
والتّي لم تتعدّ طور الحلم
يقطف قلبي ما تصل إليه يداه القصيرتان
يضعها دفعة واحدة في فمي
فالتهم حامضها وحلوها بنهم حتّى أشبع
ثمّ أنام فلا استيقظ حتّى
يسقط على رأسي الصّغير حلم أكبر منه حجما
اقضم منه قطعة صغيرة
انزع بذوره وانثرها في كلّ مكان
وهكذا اكون قد نفّذت وصيّة أمّي
أن ننثر كل شيء جميل
كانت تردّد دوما أنّه
سيثمر حتّى وإن زرع في قلب صّحراء ميّتة
أذكر أيضا أنّني وزّعت ما تبقّى من السّنوات
على قلوب من كان في صورة
احتضت داخل بروازها كلّ الرّاحلين
اليوم استنفد جميعهم رصيدهم من عمري
صارت الصّورة شاحبة
كشحوب الموتى
الرّوايات استعملت نصيبها لتحوّل النّهاياتِ
إلى خرافات لا تروق لي
امّا شجرة الزّيتون العقيم
فقد اقتلعها المالك الجديد للبيت
قال انّه سيبني مكانها
مستقبلا جديدا لأبنائه
قبل أن يرحل
