غرفتي الشّاسعة
ضيّقة كعلبة كبريت
حين يزدحم فيها الأصدقاء…
سماء غرفتي
تعجّ بالأطباق الطّائرة
والفضائيّون يختبرون، هنا، كلّ شيء:
ينطّون فوق “مرتبة” سريري،
يحاولون تجربة “المشي” بكرسيّي المتحرّك
ولا يفهمون
ماذا تفعل عشرون نسخة من ديواني “فنجان ذاكرة”
في كرتونة تحت السّرير؟!
فضائيّ صغير
حدّق بي طويلا ثمّ سألني:
أين الشّجرة الكبيرة التي تُثْمِرُ بشرا؟
“أنثى” فضائيّة
تستغرب من لفظَيْ: “حبّ” و “قبلة”
اللّذان صادفاها في قصيدة كنت بصدد كتابتها
و نسيت شاشة الكمبيوتر تعمل.. حين وصلوا لزيارتي!
وأنا، في غفلة من الجميع، فسّرت لها: “القُبلة”
ولم أعرف كيف أفسّر لها: “الحب”…
في غرفتي،
رجل شرقيّ
– لا يهتمّ لكلّ هذه الفوضى و الضّجيج اللّذان يحدثهما الفضائيّون-
يجلس في الزّاوية
بجانب نافذة في جدار خياله
تطلّ مباشرة على جسد حبيبته العاري
ويبتسم ساخرا من كلّ الأخبار الواردة إلينا بحلول النّهاية
كلّما تحرّك سحّاب بنطاله و يٌتمتم:
“يكذبون.. العالم لم يَنْتَهِ بعد”.
الغرفة شاسعة
لكنّها.. ضيّقة كعلبة كبريت
وأنا كرجل يبدو وحيدا
أرتدي فردة حذاء واحدة
وبساقي الوحيدة أركض في الشّوارع؛
الشّوارع التي كانت تعرفني
والآن.. هي تتمدّد في غرفتي؛
الشّوارع مزدحمة جدّا
بالباعة، بالأطفال، بالنّساء و بالموتى
ولأنّي أخاف الكلاب و لا أحبّ القطط
يروق لي أنّي أراهم و لا يرونني
وأبتسم
لأنّ الفضائيّ الصّغير مازال يجلس في حجري
ويعبث بأصابعي
ويسألني: أين الشّجرة الكبيرة التي تُثْمِرُ بشرا؟!
في الزّاوية العليا اليمنى،
جلبة و صراخ
فأسأل وقتا يمرّ على عجل
ماذا يحدث هناك؟
فيجيبني
أنّ العنكبوت قد رفع دعوى قضائيّة على المهرّج
وكلاهما يدّعي أحقّيته بامتلاك الزّاوية!
يقولون إنّ الجميع شهدوا للعنكبوت!
وحدها ألوان المهرّج و الأطفال شهدوا للمهرّج!
بينما أنا
مازلتُ لا أفهم
كيف أفسّر للأنثى الفضائيّة كلمة “حب”!؟
غرفتي شاسعة
و على الطّاولة مازال الفلاسفة يتناقشون:
كيف كان البدء؟
وتحت الطّاولة مازال الشّيوخ و القساوسة و الأحبار يتناقشون:
كيف ستكون النّهاية؟
بينما على حافّة النّافذة،
تنصب وكالة “ناسا” علماءها
فخاخا للجميع
فيهرب الجميع
ولا يبقى في الغرفة إلّا أنا الضّيٍّق
و العنكبوت في الزّاوية العليا اليمنى
وورقة صغيرة تركتها الأنثى الفضائيّة
كتبت عليها:
“سأعود إليك يوما
وأرجو أن أجد لديك،
يومها،
تفسيرا لكلمة “حب””..