د. إنجي فايد ـ كبير الباحثين بوزارة الآثار المصرية
رغم التوترات العالمية وتسارع الأحداث، وما يمر به العالم من أوجاع وأحزان وقلاقل، تواصل مصر، بعون الله وحفظه، المضي قدما في مسار التقدم الحضاري، لا سيما من خلال تطوير البنية التحتية وشبكات الطرق والكباري، ما يفتح فصلا جديدا في نهضتها الحديثة، ويكتمل بناء ضلع مهم من أضلاع مربع الحضارة.
وفي سياق مواز وعلى مستوى الدعم الاجتماعي وتحقيق العدالة الاجتماعية، تضع القيادة السياسية، الأسرة المصرية في قلب أولوياتها، من خلال قوانين وتشريعات تدعم أفرادها وتحقق العدالة الاجتماعية، ولا يكاد يخلو احتفال رسمي بحضور السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو السيدة حرمه، من التأكيد على أهمية الأسرة في بناء مجتمع قوي، ما يؤكد ضرورة العمل على نهضة الأسرة المصرية وصلاحها لخلق مجتمع أفضل.
وتبقى منظومة التعليم وتطوير الثقافة ركيزتين أساسيتين في تحقيق هذا الهدف، بما يضمن تنشئة أجيال قادرة على مواكبة التقدم مع الحفاظ على القيم والأخلاق والدين، وهو ما يمثل الضلع الثاني في مربع الحضارة.
الجميع على يقين دائم بأن النجاح الكامل سيتحقق، وربما تدفعني حقبتنا الذهبية التي نعيشها في وقتنا الراهن إلى تذكر عصر الدولة الوسطي الذي تميز وقتذاك بالرخاء والازدهار في مجالات متعددة، منها حفر قناة سيزوستريس وتشغيل المناجم والمحاجر واستكمال سن قوانين متلائمة مع المجتمع .
ومعلوم لنا جميعا أن القانون المصري القديم وقوانين حمورابي لبلاد الرافدين، هي أقدم قوانين عرفها التاريخ البشري، فالقانون ضلعا أساسيا في مربع الحضارة، وهو ما نسعي دائما لتحقيقه بغية الوصول إلى مجتمع عادل متوازن، وهو ما يحقق مجتمع قوي من خلال أسرة قوية، خاصة أن الدين هو أساس الحقوق الإنسانية التي إذا تم تقنينها حققت العدل والمساواة الإجتماعية، وهذا ما تبنته مبادرة “معا لحماية الأسرة” منذ تدشينها عام ٢٩١٩، تلك المبادرة – التي أسستها مجموعة مثقفة، متعددة الدراسات – طالبت بتحديث قوانين الأحوال الشخصية بما يتناسب مع الشرع والدين، وكان على رأسها “حق الكد والسعاية” الذي بدأنا بالتعريف به في كافة أنحاء الجمهورية عبر العديد من الندوات والملتقيات في الجامعات والأندية والمؤسسات الإعلامية القومية ومقالات متعددة في الصحف.
وتم مخاطبة الأزهر الشريف متمثلا في فضيلة الإمام الأكبر فضيلة الدكتور أحمد الطيب الذي وجه بمناقشة الأمر ودعمه لقناعته وإيمانه بأهمية تطبيق هذا الحق، وبالفعل أجازه مجمع الفقه الإسلامي في ٢٠٢٣، وطالب مؤسسو المبادرة بعدها بضرورة تقنين “حق الكد والسعاية” ووجهنا نداء لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي وجه بضرورة دراسة وتعديل قوانين الأحوال الشخصية، وقد تم نشر تصريحات الرئيس آنداك في وسائل الإعلام كافة، وكل هذا موثق في كتاب وثائق معا لحماية الاسرة.
وقد قاربت الدورة البرلمانية على الانتهاء،ولا يزال يحدونا الأمل نحن مؤسسي المبادرة وآلاف المتضررين، بخروج قوانين أحوال شخصية عادلة متوازنة جديدة تنتصر لحقوق جدية متلائمة مع تداعيات المجتمع ..
“حق الكد والسعاية” يستحق أن يرى النور، وتطبق تفاصيله بسهولة ويسر لتحقيق الهدف السامي منه. فمثلما أصبح راسخا في العقل عن طلب الزوجة الخلع وهي تتنازل عن حقوقها في النفقة وترد للزوج مهره، نأمل جميعا في خروج قانون “حق الكد والسعاية” عند تطليق المرأة متضررة ووقوع الضرر النفسي والمادي أو وفاة زوجها، فيكون لها نصيب في المال المكتسب بعد الزواج كشريكة له في الحياة “ولا تنسوا الفضل بينكم”
معا أسرة قوية ومجتمع واع
معا لقانون “حق الكد والسعاية”