إلى يوسف العيسوي…وهو أمام فوّهة البركان
أ.د. علي حسين البواب
كلّنا سمع – ولانزال نسمع- عن أعلام شغلوا الدنيا شهرة في عالم السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها، ولم يكن لأحد منهم تاريخ أو نسب يتفاخر به، بل إنّ منهم من قيل إنه كان يعمل في مهن صغيرة، أو يسكن في أحياء فقيرة، ولكن الذي يُضير الإنسان إذا اجتهد وعمل وجدّ بجدّ وأمانة أن يُكافأ على جهده، ويُقدّر عمله.
في وطننا الغالي إذا عُيّن ابن الوزير وزيرا، وتولّى نسيب أحد المسؤولين منصبا أقمنا الدنيا وقلنا:
إلى متى ستبقى المناصب وراثة، أوليس من حقّ أبناء ” الحرّاثين” أن يكون لهم حظ من الجلوس على الكراسي الوثيرة، ويتقلدون الوظائف الراقية؟
من حرّم أن يكون ابن الوزير أو قريبه صاحب منصب، إن كان أهلا لذلك؟ ومن منع ابن الحرّاث إن اجتهد أن ينال نصيبه؟ وفي مقابل هذا إذا أسند المنصب إلى من لم يكن جدّه وزيرا، ولاعشيرته مرموقة، ولا اسمه برّاقا بدأ الغمز واللمز وصرنا نتحدّث عن الأصل والتاريخ، أين كان يسكن، وماذا كان يعمل؟
ما الذي سنفعل لو تولّى من كان راعيا للأغنام منصبا مرموقا؟
أكنّا نتناسى أنه ما من نبيّ إلا رعى الغنم، وأن النبي صلى الله عليه وسلم رعاها على قراريط لأهل مكة.
فهل جعل كفّار مكة هذا مما ينقص من مكان النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين لم يدّخروا جهدا في البحث عن أي أمر يعيبونه به؟
لستُ من أهل الكتابة ولا من المدّاحين، ولا أسأل غير الله شيئا، ولكنني سمعت بعض الحاقدين والطامعين إلى من ليسوا له أهلا، ولا هم جديرون بحمل أي مسؤولية، ولكنهم لا يعملون ولايحبّون أن يعمل غيرهم، سمعتهم يتهامسون في أحقيّة من أسند له سيّد البلاد منصبا يعلم علم اليقين أين وضع ثقته، ولم يفعل ذلك إلا وقد خبر الرجل ومحّصه، وعرف عمله وحرصه.
إن من يعرف يوسف العيسوي حقّ المعرفة، ويعرف أنه الرجل الذي يعمل منذ ستين عاما في مختلف مناصب الدولة دون كلل أو ملل، ومن يتتبع أخباره وهو يتنقل في المحافظات والمدن والقرى والبوادي، لايستطيع إلا أن يعظّم ويبارك خطوة سيّد البلاد ومليكها بهذا القرار.
ولو شهدت المهنّئين له وهم يتوافدون من كلّ أنحاء الوطن، ومن مختلف الطوائف والمستويات والمناصب والمهن، وكلّهم ثقة بأن الرجل على قدر المسؤولية، وهم يأملون أن يؤدي ما أوكل إليه على أحسن وجه، لو شهدت هؤلاء لعرفت القدر الذي يتمتع به الرجل من العلاقات الطيبة والسمعة المميزة، مع نشاط وجهد لايقدر عليه مجموعة من الرجال، ولأيقنت أن اختيار الملك المعظم للعيسوي كان لتحقيق الرؤى الملكية في أن يكون المسؤول ممّن يتابع قضايا الشعب وهمومه، ويتلّمس حاجات الناس ويحلّ منها ما يستطيع، وأن المسؤول الذي همّه الجلوس في مكتبه وعلى كرسيه لم يعد مطلوبا.
لقد سمعت أحد كبار رجالات الدولة وهو يسلّم عليه ويقول له:
” هكذا الأردن ، المخلص والمجتهد يُقدّر فيها ويكرّم”.
إنّ من يتولّى منصبا يجب أن يتعلّم أنه مسؤول أمام الله تعالى عما استُرعي، وأنها أمانة أبت السماوات والأرض أن تحملها.