الربيع العربي هل كان ربيعاً بالفعل ؟! أم خريفاً بإمتياز ؟ ؟ هذه الحُقبة من الزمن تعد فارقة في حياة الأمة العربية ونقطة سوف يتوقف التأريخ عندها كثيراً وسيخوض المؤرخون فيها كثيراً أيضاً … سيختلف بعضهم عن بعض في توصيف هذه المرحلة الفاصلة كما هو حاصلٌ الآن في وقتنا المعاصر … نحن كاجيل عاصر هذه المرحلة وكان شاهد عيان عليها ذاق مرارتها ولفحته أحداثها الجَمة في مختلف البقاع العربية بدءاً من تونس ومروراً بمصر ومن ثم ليبيا وسوريا وصولاً إلى اليمن ….. كافة الشعوب تأثرت بها كثيراً من حيث الكم والكيف من المعانات والأحداث الجسام التي ضربت مصالح الأمة وغيرت من شؤون حياتها في شتى نواحي الحياة المختلفة …. وأنا هنا لست بصدد كتابة تأريخ لهذه المرحلة الفارقة أو سارد لأحداثها العظيمة التي يصعب على المرء حصرها مهما كانت أساليبه أو تعددت مصادره …. ثمة سوال فقط يحتاج مننا الي إجابة جريئة وغير متحيزة إلى حزب أو فئة أو مصلحة ؟ هل كان الربيع العربي ربيعاً بالفعل ؟ أم عكس ذلك ؟ سأحاول بقدر المستطاع أكون منصفاً وغير متحيزاً لأحد وأجيب عن هذا السوال من وجهة نظري المتواضعة ، كون إني شاهد عيان لهذه المرحلة الفارقة في تأريخنا المعاصر ، برغم علمي سلفاً تقبله من البعض ورفضه من البعض الآخر كما هي عادتنا في الإختلاف في كل شيء … إذا ماعدنا بالذاكرة قليلاً وتذكرنا ذلك الرجل التونسي المسمى( أبو عزيزي) الذي أحرق نفسه في الشارع فكان سبباً للثورة التونسية ومفجرها …. أعتقد بأن ذلك العمل المهول الذي قام به الرجل كان تلقائياً وغير مُدَبراً بفعل فاعل ولم يتدخل فيه أحد … لذلك فقد تعاطف الشعب التونسي معه ، فخرج الشعب إلى الشوارع في مظاهرات غير منظمة أو مُسيرة من أحد ، تملاؤها الصراخ والضجيج العشوائي ……. ولم ينفع معها زيارة الرئيس التونسي آنذاك لبوعزيزي في المشفى ومحاولته تهدئة الوضع في الشارع المصاب بالغليان …. تفاقمت تلك المظاهرات بسرعة غير متوقعة وغير منظمة في آنٍ واحد وأستمرت قُرابة الشهر ، لنشاهد بعدها على شاشة التلفزة رجلاً يصيحُ في الشارع مبتهجاً بن علي هرب بن علي هرب ….. كان لسقوط نظام بن علي مفاجئة كبيرة جعلت شهية بعض المخابرات العالمية تسيل لعابها وتبني آمالها وفق مصالحها المنتظرة بعد علمها حقيقة وهشاشة تلك الأنظمة العربية الكرتونية بأنها مجرد فقعات ليس إلا … وأن كذبة ( خط بارليف ) الذي لا يقهر قد تكررت الآن في سقوط مدوي ومخزي لأولى الأنظمة العربية العتيقة …. الأمر الذي جعل المخابرات الدولية تفكر كثيراً لمواجهة هذه المرحلة فكانت السباقة والفاعلة منها المخابرات التركية وبالتعاون مع المخابرات القطرية إلتي ضخت ملايين الدولارات لتجعل من الإخوان المسلمين هم الحل والبديل الأنسب والمناسب لقيادة هذه المرحلة الجديدة في المنطقة العربية ……. بالفعل هذا ماحصل فقد قام التنين النائم ( الإخوان المسلمون ) وأمسكوا بزمام الثورة وركبوا عليها . بمساعدة تركيا وقطر وصمت مطبق من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وبعض الدول الأوربية .. لم تكن دول الخليج تعول كثيراً أو تعمل حساب لتلك المنظومة الإخوانية المتشعبة ولربما لم تتوقع حجم مخاطرها او حجمها الحقيقي على أمنها الإقليمي . بينما مخابرات ( السي إن ايه) كانت تراقب الوضع بصمت منتظرة رجاحة كفة حجر الميزان … ولربما أنتظرت لتكتشف الحجم الحقيقي والفعلي لجماعة الإخوان المسلمين السرية في الوطن العربي لذلك رمت بالصنارة إليها وأكلت الجماعة الطُعم فعلاً .. كان الإخوان المسلمون يقودون المضاهرات تحت مبرر الربيع العربي و تحت غطاء شعبوي جماهري من البُسطاء وأصحاب الدخل المحدود الذين أغروهم بالمال والوعود البراقة فخرجت ملايين الناس خلف تلك الوعود .. وعمت الفوضى الخلاقة بلاد الربيع العربي وسقط بعض الأنظمة سريعاً كنظام مبارك بسبب تلك الممارسات الممولة من قطر وتركيا ….. أخيرا فاقت بعض دول الخليج مؤخراً لتكتشف إن الأمر ليس بتلك السهولة التي كانت تتوقعها وإن مؤامرات قلب الأنظمة العربية جاري على قدمٍ وساق لصالح جماعة الإخوان المسلمين وممويليهم … وهنا كانت الثورات المضادة التي قلبت الأمر رأساً على عقب وأتت بعكس ماتوقعته الجماعة ومن يقف خلفها .. ………………….. بقلم/ عبدالرقيب طاهر
لن يكون ربيعاكماسموه بل كان خريفاقاتلا
صدقت الاستاذ محمد ال سريع