المثقف بين الرسالة والسياسة/ بقلم: فاطمة حرفوش( سوريا)

كثيراً ما يتبادر إلى الذهن سؤال يلح بإستمرار عن دور المثقف في الحياة العامة ، خاصة بعد أن دخل وطننا العربي في عصر الظلام وضاقت مساحات الضوء فيه ، وغابت شمس الحرية عن أفقه …
ما هو الدور المطلوب منه وهل يقتصر دوره على نشر ثقافته ، وما المطلوب من هذه الثقافة ، هذا التساؤل يثير بالأحرى
أسئلة آخرى أهمها من هو المثقف؟.
إذا حاولنا تعريف المثقف سنجد عدداً غير محدود من الآراء التي تظهر تعريف المثقف
والتي تتقارب أحياناً وأحياناً أخرى تختلف ..
ولكن حسب إعتقادي تلتقي بجوهرها وتنصب على أنه من يملك المعرفة ويتفاعل معها ويحولها لفكر جديد تسهم بالإرتقاء بالإنسان ، وتسهم بخلق وعي جديد وتشكل الأرضية الفكرية لحياته وممارساته اليومية فلا تناقض بين الفكر الذي يحمله وحياته فلا إنفصال أو قطيعة بينهما ..
لذلك يغدو دور المثقف أقرب إلى الرسالة
السامية ، التي تسهم في خلق بيئة جديدة أكثر تقدماً للإنسان وتنويراً له ، أي يغدو دوره بمثابة رسالة تنويرية تحرر الإنسان من عبء أساليب تفكيره التقليدية ومن أغلال معتقداته الموروثة التي تحد من إنطلاق تفكيره لفضاءات رحبة أكثر شمولية وإتساعاً ولا أفق يحدها . .
وحتى يكون قادراً على لعب هذا الدور وتقديم خمرة الثقافة التي تنتشي بها روح
الإنسان ، يتطلب بالدرجة الأولى منه أن يكون حراً مستقلاً رغم ما تفرضه هذه الحرية من أعباء تثقل كاهل المثقفين ، لكنها بالوقت ذاته تؤمن له البيئة المناسبة لتقديم رسالته الفكرية التنويرية التي تؤثر بمسيرة الإنسان بشكل عام .
وبمتقضى ذلك ينبغي للمثقف الإبتعاد عن السلطة والسياسة . فكثير من المثقفين قد سقطوا في درك السلطة وفقدوا بريقهم وقيمتهم عندما أصبحوا أبواقاً لها يعزفون على أوتار مصالحها الشخصية الخاصة الضيقة ويلمعون صفحاتها ويتغنون بإنجاراتها الوهمية ، ويضربون بسيفها يبرورون ما لا يمكن تبريره ويمنحون أعمالها الشرعية رغم إغتصابها للسلطات بطرق غير مشروعة ..
ويصفقون لأي سلطة تأتي ، ويذمون ما سبق فضاعوا بالنتيجة مع هذه السلطة أو تلك وسقطوا بالنهاية هم وإياها في درك مستنقع الفساد .
وكذلك الحال عندما يتعاطون السياسة ، حيث أن السياسة لا تهتم إلا بالوصول للهدف بغض النظر عن الوسيلة التي تسلكها لتحقيق هدفها ، وغالباً مايكون هذا الهدف هو المصالح الشخصية البحتة بعيداً عن المصالح العامة . فيبدون أشباه مثقفين سرعان ما ينكشف أمرهم ويصبحون في خبر كان وينتهي دورهم .

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!