كتب الدكتور سمير محمد ايوب
ذاك الطفل الذي كان هناك، مبعثرا في فلس – طين وعلى حوافها وفي المنافي الأبعد، أنه الان في غزة رغم انه في عمان، وفي بيروت، وفي دمشق، وفي بغداد وفي صنعاء وفي القاهرة وفي الجزائر وفي وفي وفي، يعود إليها محررا كل يوم.
طهرانية هذا الطفل تجعله بلا اسم يكرسه صنَماً ، وبلا تنظيم يحاصره ويضيِّق عليه. إنه العربي الفلس – طيني الذي لم تخرج منه او منها فلس-طين. إنه المتجذر في الارض العربية التي لا ترفضه، على حواف فلس- طين وفي البعيد. انه منذ اكثر من 76 سنة، يرضع صبر اولي العزم من الانبياء. وينحت الحكاية بالرصاص الطاهروصدق النوايا، يطرز الحكاية بالشهيدات والشهداء، وبمن على الطريق من أسيرات وأسرى، وبالأصابع التي على الزناد، وبوطنية تتسع لكل الاجتهادات الوطنية، ولا ترفض إلا الذي يخون.
فلس – طين بكل ما تعنيه وتدل عليه وتشيراليه، بذاكرتها وحاضرها ومستقبلها ، متغلغة في جميع الشرفاء من الأحرار. فيهم تكبر كل يوم ، وهي تأخذ مواقعها في أرواحهم وعقولهم وعزمهم واراداتهم.
يوميات ملحمة طوفان الاقصى، لم تعزز إيمانهم بالطريق التي يعبرونها نحو كل حبة تراب في فلس – طين، لكنها تؤكد المؤكد لديهم، وتقدّم لبعض المترددين والواهمين والمتقاعسين والمتخاذلين والمشككين والعدمين، إثباتاً جديداً على صوابية طريق القوة المادية، لا تلك التي يثرثر بها المنكسرون، بعدم جدوى القوة لتحرير كل حبة تراب في فلس – طين، وما يروجونه بدونية من ضرورة التفاوض تحت رايات الصبر العابث، وأوهام غصن الزيتون واكذوبة سلام الشجعان.
بعد فضيحة النكبة الاولى ، حرب غزة العزة بنديَّتِها، ليست هي الفضاحة الاولى ولا الكاشفة الاولى للوهن الفلس – طيني خاصة، والعربي على العموم. أحرار الأمة وهم يعيدون قراءة ملفات النكبة الأولى وتبعاتها مجددا، بعيدا عن اليأس والضعف والدونية والمساومة، يرفضون لعن امتهم وحلفائهم واصدقائهم، لأنها قوى مادية حاسمة حين تتجمهر بعيدا عمن يحكمها. وهي بالتأكيد ذخر لفلس – طين وكل قضايا الأمة.
شاء من شاء، وأبى مَنْ في قطيعِ ماعِز لَوْ طار.