عرف عن الأنبياء وائمة العلم والدين والعظماء والعباقرة في طول مسيرة التاريخ والانسانية اتصافهم بالبساطة والتواضع وعدم التعالي وبصورة عفوية نابعة من سمو نفوسهم وشخصياتهم الفذة في تعاملهم مع الآخرين وادراكهم ان صفة الكبر والغرور والتعجرف صفات شيطانية قبل ان تكون انسانية والدليل على ذلك حينما حاجج الشيطان رب العزة وميز نفسه على الانسان اثناء المفاضلة بقوله: خلقتني من نار وخلقته من طين اي خلق الانسان من صلصال من فخار.. والنتيجة التي انتهى اليها ابليس ان النار أطهر من الطين ولهذا فأن أبليس افضل من ادم حسب رأي ابليس.. وهكذا اخرج ابليس من جنة الخلد وهو مذموم.. ولان الانسان يجمع في نفسه الاضداد وحسب قول القرآن الكريم (ونفس وما سواها فالهمها فجورها وتقواها قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها) وهذه الاضداد التي يحملها الانسان هي (الفجور والتقوى) وهكذا يرتفع الانسان ويسمو على الملائكة لان الاخيرة محض عقل والعقل لايخطئ ولكن الانسان ولأنه يحمل الفجور والتقوى قد يصيب وقد يخطئ وهذا متروك لعقله وارادته لان رب العزة قال (قد افلح من زكاها وقد خاب من دساها).
ان الخطأ والصواب في ميدان فعل الانسان هو الارادة.. ولقد قال الامام الصادق (ع) ما من رجل تكبر او تجبر الا لذلة وجدها في نفسه.
ولنرجع الى السيد المسيح (ع) كيف يدعو اتباعه وتلامذته ومحبيه الى التواضع وعدم الغرور والتعالي على الاخرين في قوله المشهور (يا معشر الحواريين، لي لديكم حاجة، قيل: قضيت حاجتك يا روح الله، فقام فغسل ارجلهم. قيل: هذا لا يليق بك يا روح الله قال: انما فعلت هذا فيكم لتتواضعوا في الناس كتواضعي فيكم لأنه بالتواضع تعمر القلوب لا بالتكبر وفي السهل ينبت الزرع لا في قمة الجبل).
ولأن عيسى (ع) نبي والأنبياء جاءوا للهداية وتقويم السلوك الانساني المعوج ووضع الانسان على الطريق الالهي ليسير الى التكامل في مجال العلاقات العائلية وعلاقة الانسان بالمجتمع من جميع الوجوه.. وهكذا كان النبي عيسى (ع) قدوة للبشرية.. وهكذا المفروض ان يمارس الانسان البساطة في معاملاته وهذا هوفن التعمق في اغوار النفس البشرية وهو ما يصطلح عليه بالسهل الممتنع.. وذلك لأن السنابل الممتلئة تكون محنية الرؤوس بينما الفارغة تشمخ برأسها الى العليا.. ولقد خاطب الله تعالى رسول الرحمة نبينا محمد (ص) (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقال رب العزة مخاطباً الانسان (ولا تمش في الارض مرحاً) وقال عز من قائل (انك لن تخرق الارض ولن تبلغ الجبال طولاً) وعندما تتعمق ثقافة الانسان وتزداد تجاربه وخبرته في الحياة يزداد تواضعاً، ويرتفع سموا فى كلامه وسلوكه ولهذا نرى الانسان المثقف جميل.الكلام وحلوالمعشر ويكثر جلاسه ويكثر اصدقاؤه ويحيطه المحبون والمريدون من كل جانب.
وهكذا نجد ايضا الطبل الفارغ يخرج دويا قويا كما هو حال الانسان الفارغ يملأ الارض صراخا وضجيجاً ومثل هذا الفرد يحاول الطيران بدون اجنحة ويريد الصعود بدون مؤهلات وهكذا ترتفع صوت الحكمة.:
(لاتحسب المجد تمرا انت اكله…… لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا) ان الوصف الدقيق لدواخل النفس المتكبرة والمتجبرة التى تخامره
الاحساس بالذلة وتلجئه الى المهانة هي صفة النفس الكذابة كما جاء في قول الرسول (ص) (لايكذب المرء الا من مهانة نفسه) والانسان الكاذب والخائن يلجأ الى الغلو والتعظيمم وتضخيم الاشياء.
لقد كان صدام وممن حوله يلجأون الى الكذب والتعالي ويظهر ذلك جلياً للعيا ن حين يظهر من على شاشة التلفاز وهو ينفث في سيكارته الكوبية التي كانت تكلفتها باهظة ويطلق ضحكته المشهورة.. ويتبختر في مشيته حتى أدى به هذا التكبر والتعالي الى حفرة عميقة في باطن الارض واخرج منها خوفاً ورعباً من الشعب الذي أذله واذاقه الويل.. ودفن البشر في المقابر الجماعية.. وأمطر شعب كوردستان في حلبجة بالأسلحة الفتاكة.. ودمر القرى وهجر سكان الاهوار وجفف مياههم.. هكذا سقط عرشه الفرعوني المتهاوي.. وهكذا هو دائما مصير الطغاة والمتجبرين على طول مسيرة التاريخ.
هكذا كان غرور فرعون وهتلر وموسوليني يقفون في طابور طغاة والدكتاتوريات.. عبرة لمن أعتبر.. وقد لعنهم التاريخ.. لأن هؤلاء الطغاة لم يحترموا شعوبهم.واجاعوهم وتكبروا على بنى جلدتهم.
وهكذا نجد البساطة فنا رائعاً والتواضع نهجاً سلوكياً عظيماً انتهجه الانبياء والعباقرة والعظماء.. وكما جاء في الحديث (ان الله يحب السهل الطلق الوجه).