كتب د سمير ايوب
الدم والنار ، يُغيِّرُ أبالِسَتُنا ، قواعدَ اللَّعِبْ يعيش الوطن العربي الأكبر ، بكل مَواطِنِهِ الصغرى ، أحداثاً عاصفة متتاليةَ الموجات ، ومُتغيرات غير مسبوقةِ السرعة والقسوةِ والأثر . عملياتُ تفكيكٍ ساخنةٍ ، مُتعددةُ الأبعادِ والغايات ، تُمارَسُ على قدمٍ وساق ، على كل الصعد المعاشة . صادمةٌ لكل مكونات الوعي . يبدو معها كل شئ مُهتزاً مُترنِّحاً . تَحسَبُ أهله سُكارى . تَجْتاحهُم فوضى شاملة تستبد بهم بقسوة . حتى باتت جُلُّ مُستَقرَّاتِهم ، تميدُ بِناسِها وضيوفهم فيها . تَحيَّرَت عقولُ المُتبصرين ، في رُؤيةِ مفردات ومجاميع ما يجري من وقائع . وتحيرت في تفسيرها وفهمها ، وفي الكشف عن مُقدماتها وتَبعاتها ومَآلاتِها . فالأضطرابُ شاملٌ وعميق . يتخفى في تضاريس معقدة ، من الجنون المعاصر ، وما يرافقه من تَأتآتٍ وتَتويهاتٍ تُدَغدِغُ غرائزيات المشاعر . يمكن للحصيف ، تتبع هذه الحيرة ، في ذلك السيل العَرِمِ من المحاولات السردية – التبريرية ، التي ترغب في نَمْذَجَةِ المَشاهد الراهنة ، عبر الكثير من مُستنقعاتِ التاريخ وأوهامه وعفنه ، بعيدا عن أشواق المستقبل ومعاصرة العلم وتطبيقاته ومقتضياته . العنصريون الجدد ، من كل الطوائف العمياء ، والمذاهب المُثقلةِ بالبِدَع ، والقُطرياتِ المُمْعِنَة في الضيق والتضييق ، يُطِلونَ علينا يوميا ، بمنظوماتٍ من الخرافات والأساطير، والحكاوي المُشبَعَةِ بفتنٍ ما اتى بها حقٌّ او يقين . يتسابقون ببدائيةٍ مُعاصرةٍ ، للأمساك بقبضات سيوف عمياء ، تُؤَجَّرُ لهم بمقابل ، جُلُّهُ خَفِيٌّ وبعضه مُعلَن . قبضاتُ سيوفٍ مُزخرَفةٌ بجماجم ودماء أهلهم . ويتنافسون ظنا منهم ، أن الامساكَ بقبضةِ السيفِ المُزَرْكَشِ بالوهم لا السيف ، هي العنصرُ الحاسم في الصراع ، على الكون أرضاً وسماء ، وما فيهما وما بينهما ، من ثروات ومن بشر ومن مصالح . ويتنافسون في إبتداع وفبركة وقائع ومفاهيم ، لتتكئ عليها صور ذهنية ، تمكنهم من توصيف صراع المصالح المعاش ، ومنحه أسماء ومعانٍ مستنسخة . تحول حكاويهم ، بعمليات قيصرية عصا معاصرة ، تكاد آلياتها لا غاياتها ، تشبه عصا سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام . تُمَكِّنهم من تسريع عمليات الألتِهامِ والنهب المبرمج . وفي تغييب كل غائيات التقدم ، المبني على العقل والعلم المستنير . يا من تبقى من عقلاء هذه الأمة ، مهما إختلفتم في تشخيص أبعاد ما قد يترتب على ما يجري من جنون ، من نتائج قريبة او بعيدة ، إن جدل الفساد والأفساد ، المبرمج منه او العشوائي ، الأصيل والبديل ،ممؤسس كله . وإكتسى عظما وريشا ومخالب . يؤسس لكم إن كنتم حقا لا تعلمون علم اليقين ، اسلوب حياة جديدة تماماً ، تحملكم بعيداً عن انسانيتكم . بيد أن المثير للفزع في كل ما يجري ، يكمن في أن البعض منا ، لا يرى في ما نشهد ، من صراعات متفاقمة ، وتمزقات حيوية ، وأزمات وحروب وتفكك وتفسخ ، تهديدا قويا وحاسما للبقاء ، بل مظهراً لمخاضِ حملٍ وان بَدا كاذبا ، لوضعِ جنينٍ قادم يتلفع بشئ من تدين ، وان كان مُشَوَّهاً ، ويبدو مُشَوِّها للعصر بما نشهد من ممارسات ارهابية . الوقت بالقطعِ ، ليس مُتاحا لكم ، بما فيه الكفاية ،للفُرْجَةِ بلا مُبالاة . أو إنشادِ مصفوفاتِ الوَهْمِ القائل : حادَتْ عن راسي بسيطه . فكم من امم قبلكم ، سادت ثم بادت .