آفاق جرة
بقلم د ميسون حنا
الدخول إلى عالم المسرحية مدهش ، فالموسيقى الخافتة والإضاءة خافتة أيضا، أما ظلال القضبان فهي توحي أن بطل المسرحية سجين نفسه التائهة، حبيس أفكاره وماضيه الأليم، وبحثه عن القلم والورقة بحث عن ماض يحاول اجتراره ويرفضه آنيا، لكن عقله الباطن يحتفظ بتفاصيله وخباياه ويدق باب عقله ويحثه لاستحضاره وإن كان يتعامى عنه بالبحث الموهوم عن القلم والورق. الواقع ينتصر ويسيطر على ذهنه فيتراءى له ماضيه ويعيش الألم وهو الشاعر الكاتب يصمم ان يكتبه ، فقد ورد في المسرحية : أنا أكتب من فيض معاناتي، فكم كانت أفراحي وأتراحي المداد لإبداعاتي، وهنا ذكر ( أفراحي) ولم يكتف بالأتراح لأن المرء مهما شعر بالهزيمة إلا أنه يتمسك بخيوط الأمل فهنا الفرح كذلك، ويقول: أنا تارة زجاج، وتارة حديد، أنا فوران الغليان وسكون الجليد. نعم فالمرء يستمد من ضعفه القوة ليجابه الواقع وهذا ما فعله بطلنا إذ يقول : أنا أبحث بشجاعة الفارس وقوة المفترس عن المجهول الذي طواه الطوفان، فالماضي البشع يطويه الطوفان إذن، وبعد الطوفان يأتي البعث الجديد.
البطل يستحضر حياته مع معشوقته ويبين زيف وبطلان هذه العلاقة الهشة ولكنه لا يستسلم، إذ ينتصر بقلمه حيث في نهاية المسرحية يبدأ بكتابة روايته ، ولكنه اختار لها ورق التنظيف (التواليت) لأن هذه الذكريات لا يليق بها إلا أن تدون في مزبلة التاريخ، هو رافض لها وبكتابتها يعلن شفاء لروحه الجريحة. سلمت يداك ودام نبضك .
تجدر الإشارة أن المسرحية مونودراما مستوحاة من المجموعة القصصية شيطان الحب للأديب السعودي جاسم على الجاسم .