منذ أن التقينا لأول وهلة، لم يدُر في خلَدِي أنها قائدة ثورة، أحسست فحسب، بأنها ملك خالص لي، ورُبَّما أحسَّت هي بذلك، لكنّها فرضت بعدئذٍ وبقوة سيطرتها على كل خلاياي، واتخذت من قلبي المكلوم عاصمةً لحبِّها، ليزداد تحصناً في كل وقت وآن.
علمًا أن عاصمة قلبي؛ لم تكُ كـ”صنعاء”، أو عاصمة” هادي” الموقتة، “عدن” العاصمتين سقطتا، لكن، وكما يبدو أنّ عاصمتنا المنيعة هذه محال أن تسقط بيد أي من مليشيا الكون، لقلة المرتزقة في دولة عشقناها وطناً مقدساً. أضف إلى ذلك، أن كل ذرة في كياني، وإن كانت من لحم ودم، تشهد بصدق حبّي وإخلاصي ووفائي، إلا أن معشوقتي لا تعترف بهذا قط. وكلما بُحتُ لها بشيء، قالت : ” إن الكُتاب والشعراء يعشقون ليكتبوا لاغير، وهم يكذبون أكثر مما يتنفسون، وفي كل وادٍ يهيمون “. وأكدت في معرض حديثها حول عدم انقيادها لثورة أحلامي، أن مراسها ليس بالأمر السهل كما ظننتُ. أردفت قائلة : “لست بغاوية كي أتّبعك وأصدقك”.
تلك السيّدة الجميلة أشعلت فيّ ثورة من الأحلام، وقضت على حكم الملكية الفردية، وفتحت قلبي على الغانيات، ودكَّت ماعلق بي من آثار التخلف والانزواء.
لقد التزمت بإرساء مبادئ كثيرة، كالتعددية الحزبية، والحكم الجمهوري، والتداول السلمي للسلطة. كل ذلك كان وليد لحظة ونظرة، دون تخطيط مسبق، حدث في يوم تاريخي جميل، من أوائل هذا العام، في مدينة تعز، “عاصمة مدينة الثورات والثقافات”.
أعلنتُ حينها انضمامي لتلك الثورة، دون الرجوع إلى ملكتي التي كانت تحتل قلبي، وتتفرد في تحرير ذاتي من كل قيود الإمامة، وأدخلت إلى قائمة الأصدقاء في الـ”فيسبوك”، والتويتر ” الجميلات، بعد خلو قوائمي منهن ردحاً من الزمن، فتغزلت بجمال التعزيّات أمام مرأى ومسمع زهرة قلبي، وحاكمة قلاعه، بعد أن عشت معها دهرا لا أنبس ببنت شفة.
ما أجمل الثورات إن لم تصدها ممالك الجوار وضرائر النفاق، ولو كان لديّ رجال؛ لفجّرت في كل أسرة “ثورة”، ولجعلت الرجل قريناً بأكثر من زوجة، وصولاً إلى المؤسسات والأحزاب، بحثاً عن القيادة، لأسمو بوطني إلى الأعالي.
وعلى نهج ثورتي أكتوبر ونوفمبر، كنت، ولم أزل، وسأظل، أطمح بثورة أجلي بها الإمارات من تراب اليمن، وأزيح المملكة ( الكوبرا) عن حكم الوصاية الشيطانية، لعلِّي أصنع شرعيّة جديدة.
وعلى نهج سبتمبر، أشعل ثورة لاجتثاث شيخ بلدتي، وعاقل الحارة، ومسؤول الحزب، ومدير المدرسة، وخطيب الجمعة، ففي الثورات حياة لو كانوا يفقهون.