آفاق حرة
هناك مجتمع جوارب بكل الألوان يعيش في إمارة تحكمهم أميرة ، قد يقول البعض أنه مجتمع محظوظ يعيش السعادة الكاملة ، مجتمع مختلف بكل الأصناف و متعايش لكن أحدا لا يشبه آخر رغم التنوع و الرقعة الجغرافية الموحدة لن تجد واحدا منهم أو واحدة مرتبطة بأخرى تشبهها ، أو لها أخت توأم ، تعيش في طمأنينة ، سكون و راحة تامة ، دون عناء أرجل تحملها و توسخها بعد مدة ! و الأصل أن كل واحدة منهم كانت بالزوج و لم تكن بالفرد و السبب راجع إلى السياسة التي تنهجها دولة هانم صاحبة الشأن العام و الإمارة ، السلطة الحاكمة في ذلك المجتمع ،” التي اشترتهم ” تسيرعلى مزاجها عشوائية عشاقة ملالة مزاجية و لا تكترث لهمّ جواربها جواربها و هي حرة فيهم و نحن ما يهمنا ! لا تكثرت لتنظيم العلاقات ولا تهتم بكل زوج على حدة عندما تنتهي منه تضعه مع الغسيل يرمى في آلة التصبين يغسل و بعد التخرج جديد يلمع لا يوضع في مكانه الصحيح و لا يرتب فيكتب عليه أن يعيش العطالة التقنية رغم جماله حتى يتلف ما جاء به من دور ، و على الرغم أن دولة هانم عندما تحتاج زوج جوارب تلبسه لا تجده فتنزل لاستقطاب جوارب “رِجل عاملة “جديدة و المزيد حسب رغبة يوم أو ليلة ثم تتركه مع الشعب الآخر يعوم بحره ، في النهاية نحن أمام إنفجار جواربغرافي من صنف و لون لا يصلح لشيء بسبب إهمال دولة هانم لهم و عدم العناية بكل زوج على حدة و ترتيبهم جيدا راجع لسوء التخطيط ! و حتى و إن لمسنا حب دولة هانم لهم في الأول مايلخص الأزمة التي يعيشها الفكر عندما يتحدث عن الأزمة و نرى عكس مظاهرها بوجود فائض كماليات تفوق الحاجيات الأساسية ، متى نتحدث عن أزمة و الفقير المضقع يمتلك حاجيات إستهلاكية لا علاقة لها بالفقر و هذه إشكالية كل الملابس الموجودة في الدلاب و التي كلها أو أغلبها واحدة فقط ثم أحيلت للتقاعد الإجباري ، تبقى رهينة الذل تحت رحمة الفطريات الثوبية أو تنسى إلى الأبد و إن كانت محظوظة فهي تنشر في إحدى الأيام المشمسة بين فصلين ، حتى يتسنى عزل إختصاصها مع مدة صلاحيتها ، و إن كانت أكثر حظا قد تحظى بالرعاية و التكفل عند أشخاص لا يعرفون قيمتها الأصلية و لن تكون لهم القدرة على إستقطابها في الأول ، ليس بسبب أزمة الفكر الذي يفكر في الأزمة ! لكن بسبب كماليات أخذت مكانها الضروري فيكتب عليها أن تشتغل على طول كل يوم تقريبا و في أي وقت و لا تحظى بوقت للنظافة و الإستحمام أو الراحة في ظروف إجتماعية جد مزرية دون أية حقوق حتى تصبح رث أسمال بالية … المهم و هو الأساس المثل الدارجي عندنا يقول ” الجديد له جدة و القديم لا تفرط فيه” الإهتمام الدائم بالإنسان هو الرأسمال الحقيقي ، مجتمعات وصلت لأنها استثمرت في الإنسان جعلته اللبنة الأساس و أخرى قبعت في التخلف لأنها أهملته و قدمت عنه أولويات أخرى هو في الأصل من يصنعها !