تكتب علي جدار facebook، بلا يقين في شيء، تعرف أن القصيدة ضربة جناح في الريح. والهلام الذي ينساب لن يترك لك فرصة، لتدرك أن مأساة البدوي في القطار الذي يغير اتجاهه وقضيبه فجأة بلا مبرر، فالتاريخ يتحرك بمنطق القوة ورأس المال، ولا يبصر الجموع التي تسقط تحت عجلات الحتم الماديّ.
أخرج من رحم أصفر
وهدوء يسبق عاصفة حمراء
بلا يد، ولا جريرة
كيف لي أن أترك الشجرة
بلا مطر ولا دعاء.
الكتابة لن تغني عنك شيئا، رجل يشاغل الاكتئاب والمشاعر المتضاربة: قلق، خوف مبهم. لا هو بالخوف، ولا تفسير له، أو حتى كلمة تترجمه بوضوح. يسلّي نفسه بلعبة الكلمات الفجة، كي لا يصرخ، أو يعض لسانه بعنف في نوبة هستيريا؛ فالبدويّ كما قلت لك سابقا: هادئ كأفعى نائمة، وأرعن كجدي يلهو فوق حافة جدار شاهق. أتريد تفسيرا لما يحدث هنا في أرض الله المقدسة! الأمر ليس هينا. ربما معقد بعض الشيء؛ كحب امرأة لرجل أهان أنوثتها، لا الحرب ليست أنثي، رغم أنها مؤنثة، ربما هي ميدوزا. إن البدوي يخاف التفسير، وفخاخ اللغة.
انكيدو جفلت من الأوابد
فلا طائر يطير بجناحيه
في الأفق الملبّد بالدخان
فاللغة الطيعة تبخرب
والصرخة المكتومة تسقط
كعملة معدنية باهتة.
لا ليس الأمر كما تظن، فالكذب ليس ملح الرجال دائما، لن تدفن نفسك في هذا الجيتو، فالطائر المعدنيّ يحوم فوق رأسك، ستسميه الزّنانة، كأنّك تتعوّذ من رعبه الناريّ المباغت، الأفكار والمصالح تتصارع فوق رأسك كالآليين، أنت خارج اللعبة المعقدة؛ لكنك ملعبها المجهز بإتقان مثل بلاتوه سينمائي. لن تعثر علي نفسك خارج نفسك، ولا في أثر العابرين القديم الذابل، حتى قناع أمك المطرز بالأماثيل الملونة، وسنوات متراكمة، لن يضعك بأول الدرب. يارجل، اغرس قدمك في الأرض بهدوء، وقل ذا أثر نبي خرّ صعقا ذات ليلة في الوادي العريض.