عُدْ يا سَيِّدي الفادي، فقد ضَلَّتِ جُلُّ الخِراف! إضاءة إيمانية قومية

كتب الدكتور سمير محمد ايوب

– خليلُ الرحمن عُذرا يا سيدي. لقد دنَّسَ التسوَوِيون وأسيادهم، حَرَمَك الإبراهيمي. ولم تَعُدْ الخليلُ كما كنتَ تحب أنت، بردا وسلاما. بات لعنبها طعمٌ غير ما كنت تعرف.
– سيدي يعقـوب عذراً. لقد أمعن ألأشباه، في يوسف الفلسطيني تشريدا وتقتيلا وتنكيلا. وبخسة ألقوا به في غياهب الجُبِّ الصهيو – أمريكي. ولِتَبْقَ كفيفا، صادروا قمصان أحرارهم، عند كل حاجز في بطن فلس – طين، وعلى أعتاب كل مَعْبرٍ على تخومها.
– يا نبي الله نوح، أتعلم أن سمسارا قد باع للأعداء، عبر سِمسارٍ يسترعورته، بعباءة تشف ما تحتها، جزر المضائق؟ فلوخطر ببالك أن تعود ذات يوم، فلن تجد لسفينتك معبرا تُبحر منه الى الاحمر او الابيض، إلا بشروط ال – صها – ينة، بعد ان تدفع لهم بالشواقل، أتاوات الحماية والعبور الكفيف.
– سيدي كليم الله موسى، عذراً. لا تدع بالك بعد الآن يطمئن فالأشرار حرصا على راحة الص -ها – ينة، لن يسمحوا لك بعد اليوم، أن تضرب بعصاك البحر، عابرا الى سيناء.
– سيدتي البتول مـريم الـعذراء، عذراً إن قلت لك: لم يعد في وطن العرب، مكانا شرقيا ولا غربيا، تنتبذين إليه. ولم يتبق لك الكثير من النخلِ العربي الحرٌّ لتلدي تحته. وتهزي جذعه ، ليتساقط لك رطبا جَنِيَّا، لتأكلي وتشربي وتقري عينا. فقد جَزَّ الأنذالُ، رؤوس النخل، بسيوفٍ من غبارٍ مُلَوَّثٍ بالكازوالزفت.
– سيدي الفادي المخلص عذراً. لقد فرَّطَ المتصهينون بعروس المدائن. وكسَّروا نواقيسها ومآذنها. وخانوا كل قطرة ماء جارية أو نابعة في مسقط رأسك. فلم يتبق لك في المغطس، ماء يكفي لتعميد خرافك. ناهيك عن شربنا وزراعتنا وباقي احتياجاتنا.
– سيدي يا خاتم انبياء الله ورسله عذراً. لن تستطيع بعد اليوم أن تسري إلى إيٍّ من أكناف بيت المقدس، لِتَؤمَّ صلاتك في أقصاها هناك. أعمال الحفر والتجريف والتوسعة، لم تبق لك متسعا من الأرض. وأظن انهم وفق شرائع الشرير في الإرهاب، باتوا قاب قوس أو أدنى، من مطاردتك وصحبك، لمحاكمتكم امام قاض عميل، تماما كما فعلوا مع شهيد الأمة صدام.
وإعلم يا سيدي، أن ملوك القلق والرمل والملح، قد أفرغوا ما في خزائنهم، من اموال مُنِعَت عن مُستَحِقيها، لِتُدفَعَ اتاواتٍ حِمايةً لألقابهم، وتعويضا عن إقتحامك، في سالف العصر والأوان حصن اليهود في خيبروبني القريظة.
– رسلنا وأنبياؤنا جميعا، سلام الله عليكم ورضوانه. نعتذر عما فعل ويفعل السفهاء من شياطيننا وابالستهم، في السروفي العلن، في زواريب بلاد الواق واق، ودهاليز بلادٍ ما زال أهلها، يركبون فِيَلةَ أبرهةَ الأشرم.
فلسطيننا، لبناننا، يمننا، عِراقُنا، سوريانا، ليبيا، صومالنا، وكل بلد ما زال ينتظر القدم الهمجية للتلموذية المعاصرة، عذرا.
يا شهداءنا، أسرانا، جرحانا، مناضلينا الشرفاء، يا كل المعذَّبينَ من أهلنا في كل مَواطِنِ العرب، عُذراً وأيُّ عُذر!
يا كل حبة تراب عربية دُمِّرَت، ودِيسَت كرامتها، وكل قطرةِ دمٍ ظُلما أُهرِقَت، وثروةٍ نُهِبَت، وكل إرادةٍ كُسِرَت، وحُرَّةٍ اغتُصِبَت، يا كل ونَّاتِ القلبِ المَكلوم، اعذروا الكثير من تقصيرنا المتواطئ بالصمت تارة، وبالعجز تارة وبالتخاذل مرات أخرى؟!
أعذرونا بالله عليكم. فهذا زمانُ المماليكِ وكلابُ الصَّيْد. فيه لم يَعُدْ مُعْتَصِموا جل المسارح عربيا، بل رويبضات خصية مملوكة. تدب على أرضنا اقدامهم، وأيديهم مغلولة الى أعناقهم. وتوالي أجسادهم هناك، هناك في مكان ما، من عوالم الشقلبه.

ا

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!