غوغائية العمل الثقافي غير المؤطر

بقلم: رائد محمود العمري
رئيس اتحاد القيصر للآداب والفنون

إنّ العمل الثقافي مصدر جمال بحدّ ذاته ومتنفَّسٌ شرعي للمثقف والمهتم بالآداب والفنون والحضارة والتراث والتنوع بشتى فروعوها المتعددة ومنابتها وأصولها ، وإنّه من المجدي لكلّ دولةٍ من السعي لإبراز دورها الثقافي والحضاري ومثقفيها على الوجه الأتمِّ واللوحةِ المتقنةِ المزدهية بألوانها وأطرها وحدودها التي لا تحيد عنها ولا تتداخل، وفي أيامنا الحالية بِتنا نرى توسعا ثقافيا وازدياد عدد المنشغلين بالثقافة والأدب على وجهِ الخصوص وهذا أمرٌ صحيّ ومحبّبٌ إن تمَّ تحتَ إشرافِ أهلهِ والمختصينَ بالنوع الثقافي الذي انتهجوه ، مع مراعاةِ القدرات المتفاوتة ، والانتصارِ لما ينهض بالثقافة والأدب واللغة والحضارة ، لا ما يعكٌرُ صفوها ويحرفها عن مسارها الأمثل..
وإنّني ومن خلال انشغالي بهذا المجال الثقافي ورئاستي لهيئة ثقافية جادة في العملِ كما نسمع من المختصين والمتابعين، وكذلك كوني أرأسُ مهرجانا للشعر الفصيح لعدة مواسم ، ولي باع في العمل الأدبي والنقدي بطبيعة دراستي الجامعية في مجال الأدب والنقد في اللغة العربية وقربي من أساتذتي من الأكاديمين والنقاد فإنّنا انتهجنا أن نكون جادينَ في عملنا الثقافي والأدبي وما نقدمه ، مع الفصل بين المجالات ومن يعتلي منابرالمهرجانات وعن الأمسيات الشبابية والتعليمية والتشجيعية لمحبي الأدب ومريدوه، في حين بتنا نلاحظ ازدحاما غير مبرّر في العديد من المنابر والمنصات من غير أهل الاختصاص دعاة الثقافة والأدب ، وتعدد الهيئات والجمعيات المنشغلة في هذه المجالات وإدارتها ممن لا يستطيعون إكمال ثلاث جملٍ دون أخطاء نحوية أو لغوية كانت، وتعدد الألقاب تبعا لشهادات الدكتوراة الفخرية الفارغة من مضمونها.. وسؤالي لحكومتنا عامة ووزارة ثقافتنا خاصة لماذا نحرصُ على الفحص النظري والطبي لموظف سيعملُ مراسلا في إحدى المديريات ولا نحرص على فحص القدرة على من يريد أن يدير العمل الثقافي والذي هو إدارة للعقول والذوق والجمال؟ ألا يجدرُ بنا أن نقرع الجرس لكي يعرف البعض أن العمل الثقافي وخاصة الأدب يختلف عن العمل الخيري والجمعيات الخيرية مع تقديري لكل العاملين والمتطوعين في العمل الخيري على ما يقدموه من جهود في مساعدة مجتمعاتنا..
إنًَ الرائي للمشهد الثقافي والقائمين عليه يرى اختلافا في مستويات العمل والأداء والجدية في تقديم ما يليق بأدبنا وثقافتنا ولغتنا العربية ، ثم إن البحث عن رعاة المشهد الثقافي صار عبئا ثقيلا ووسيلة لتقرب من لا بعرف بدروب الثقافة سوى جيبه المليئة بالنقود وما سيقدمه من فتات ليكرّمَ بدوره شاعرا مجيدا أو كاتبا يشار له بالبنان بصفتهِ التمويلية فقط ، في ظل غياب الرعاية الرسمية حتى لو كانت بلا أي دعم مادي ، ناهيك عن تداخل عمل الهيئات الثقافية وعدم التزام بعضها بأخلاقيات العمل الثقافي والتسابق نحو إقامة الفعاليات ، والتعدي أحيانا على إفساد عمل الآخر عدم انتظام الزمان والمكان المحدد للأمسيات والأعمال الثقافية ، ولا ننسى المحسوبية والشللية في العمل الثقافي بدءا من وزارة الثقافة التي تحتاج لمراجعة أوراقها وشيكات الصرف والدعم والعمل بعدالة ومساواة مع الجميع ، وابتعاد المديريات عن كونها هيئة ثقافية منافسة في العمل الثقافي بدلا عن دورها الإشرافي ومساعدة الهيئات لتنفيذ خططها المقدمة، وانتهاء بالعاملين بالشأن الثقافي بضرورة التمسك بالقيم والاختصاص والجدية في العمل ، وعدم دخول بعضها على عمل الآخر دون أي ضابط ينظم عملها.. ولا ننسى أنّه على بعض المختصين التواضع أكثر في الانخراط في العمل الثقافي وتولي دورهم الوطني في عكس الصورة المشرقة لحاضر الوطن وحضارته وثقافته دون تعالٍ ، وأن يكون هناك دعم جاد للعمل الثقافي الصحيح ماديا ومعنويا.. وأخيرا أقول الشاعر لم يأتِ ليقرأ للراعي وحده ، والمنصة ليست حكرا على أحدٍ إن كان يستطيع أن يقدمّ ما يليقُ..

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!