حين تتحدث عن فدوى طوقان فإنك تتحدث عن الشجر الذي ينبت في الصحراء، فعندما كانت في عمر صغير، تتفتح فيه المواهب كأنها فيضان ؛لم تحظ هذه الشاعرة المرموقة بدراسة منتظمة في المدارس، فآبت إلى نفسها في ثقافتها فأثبتت عصاميتها.
هذا ما تتنفس به رئة المراجع عن فدوى، و تذكر أيضاً أن أخاها الشاعر الفلسطيني المبدع ابراهيم طوقان كان معها في مشوارهامن البدء، حين كانت بأمس الحاجة الى مدرس يهتم بها، في ظل غيابها عن المدرسة،
وتذكر فدوى كيف درست مع ابراهيم ديوان الحماسة، و كيف قرأت وحدها البيان و التبيين،
ثم بعد ذلك سافرت الى بريطانيا و حصلت على دورات في تعلم اللغة الانجليزية، مما أتاح لها أن تطلع على الأدب الغربي بلغته، لا عن طريق الترجمة التي تفقد النص ثلث قيمته الفنية أو أكثر من ذلك
المنبع الأول :ثقافة عربية أصيلة، و المنبع الثاني :’ثقافة غربية من مصادرها، فإذا بفدوى تطل على العالم بموهبة صقلتها القراءة المتواصلة، و التجارب المتنوعة، و هناك منبع آخر نهلت منه فدوى، هذا المنبع هو النقد، فقد تنبه النقاد الى أهمية الشعر الفلسطيني، و أنه جزء من تجربة الشعر العربي لا ينفصل عنها، فألف الناقد الفلسطيني شاكر النابلسي كتابه:( فدوى تشتبك مع الشعر) ليكون من المراجع المهمة عن فدوى، ليس للباحثين فحسب بل لفدوى أيضاً، لأنها كانت تتابع ما يكتبه النابلسي، و تنتقد أحيانا دقته الشديدة في نقد شعرها الى حد القسوة، و لكنها أخيرا ربما اقتنعت بما قاله النابلسي: أن هذا النقد لا بد منه، و أنه سبيل للارتقاء، لتسير مع النقد الذي أثرى تجربتها، فإذا بها تشتبك مع النقد المتزن، كما اشتبكت مع الشعر في الأصالة و التجديد.