لكلٍّ رؤيته الشّخصية عن الشعر، مهما اختلف الزّمان والمكان، وقد تتباين تلك الرّؤى أو تختلف في أحايين كثيرة ولكنّ الأغلب أن تبقى الرؤية حول الشعر هي الأقوى ولا تتغيّر مطلقاً، بل تبقى على مرّ الزمان حيث يمكن دراستها والاستشهاد بها في الحقول الأدبية.
في هذه المقالة سوف نتدارس رؤية الشاعر الفرنسي سان جون بيرس الذي ولد في جزيرة بوانت لابيتر إحدى جزر الأنتيل وذلك في يوم 13 مايو من عام 1887 وتوفي في يوم 20 سبتمبر سنة 1975م.
ويعتبر شاعر فرنسا في القرن العشرين واسمه الحقيقي أليكسي سان ليجي. ويعتبر هذا الشاعر شديد التميّز، ولديه إحساس بالرّفعة والعلوّ. وقد أصدر أول ديوان له في عام 1911 بعنوان: (مدائح).
وما قاله الشاعر الكبير سان جون بيرس في حفلة تسلّمه جائزة نوبل للآداب عام 1960 عن الشعر:
(بفضل الرّؤى المتناظرة والرمزية، وبفضل الإيحاءات البعيدة للصورة الوسيطة، وبفضل ألاعيب الطبّاق والتوافق، وبفضل سلسلة لامتناهية من التواشجات والرّوابط الخارجية، وأخيراً بفضل لغة أنيقة، تنساب من خلالها الكينونة ذاتها، يتسلّح الشاعر بسريالية خارج كلّ مقاربة علمية.
هل يملك الإنسان جدلية أشدّ احتداماً؟
وأبلغ تعبيراً عنه من الشعر؟
حين يغادر الفلاسفة سدّة الماورئيات، يحدث أن ينوب عنهم الشاعر.
الشعر إذاً وليس الفلسفة، هو الابن الشرعي للدّهشة، رغم شبهات الفلاسفة القدامى حول الشعر، يبقى الشعر أكبر من كونه نسقاً للمعرفة، إنه قبل كلّ شيء أسلوب حياة شامل، الشعر موجود منذ سكن الإنسان الكهف.
وسيستمرّ وجوده في عصر الذرة؛ لأنّ الشعر ببساطة جزء من الإنسان، والضرورة الشعرية هي في المقام الأول ضرورة روحية، وهي أمّ الأديان نفسها، بفضل الشعر تحيا أبداً شرارة إلهية، مستعرة في صوان الإنسان.
عندما تتداعى أساطير الأولين، تجد القداسة ملاذها في الشعر).
رؤية صائبة وذات أفق فسيح حول الشعر، وهي ذات صور متعدّدة الأبعاد بمنظور فلسفي عميق الغور وقد تمت دراسة ذلك عبر العقود الماضية.