لو كنت أستطيعْ
في جوانح الحياة …
يا حبّذا لو كنت أستطيع!!
أن أصلب الزهور في الحقولْ
شهيةً لا تعرف الذبول
لو كنت أستطيعْ
أن ألملم النجومَ
من بيادر الغيومْ
أنثرها في دربنا الشقيّ بالوجوم …
أذاكرُ .. يا حبّذا خيالي
يشيلني من مقلة الآمال …
ينثرني في القدس، في رباها
أعفّر الشقاء في ثراها
هذه هي كلمات كمال ناصر، الشاعر والأديب والسياسي والمناضل والشهيد، الذي اغتيل في مثل هذا اليوم العاشر من نيسان العام 1973، في عملية عسكرية اسرائيلية استهدفته مع قائدين فلسطينيين آخرين عما كمال عدوان ومحمد يوسف النجار، وعرفت بعملية فردان.
كمال ناصر من مواليد العام 1924 في غزة ، نشأ وتربى في بلدة بير زيت المتاخمة لمدينة رام اللـه ، والتي تشتهر بجامعتها الوطنية العريقة . تعلم في القدس، وانهى دراسته العليا في الجامعة الامريكية ببيروت، وتخرج منها بإجازة في العلوم السياسية.
عمل مدرسًا للأدب العربي في مدرسة صهيون بالقدس، بعدها درس الحقوق، ثم أشغل أستاذًا للأدب العربي في الكلية الأهلية برام اللـه.
تبنى كمال ناصر شعار الوحدة الوطنية ووحدة القوى الثورية الفلسطينية، فكرًا وممارسة، وكان يؤمن ايمانًا قاطعًا أن القضية الفلسطينية هي محور التاريخ العربي المعاصر.
أنيطت به مهمة الاشراف على ” الاعلام الموحد ” الفلسطيني، ورئاسة تحرير مجلة ” فلسطين الثورة ” حتى اغتياله.
تمتع كمال ناصر بموهبة شعرية فياضة، وملكة قادرة على النظم بسهولة دون كد وإرهاق، وعكست أشعاره الجرح الفلسطيني والمعاناة والحياة والطبيعة الفلسطينية، والتغني بالوطن والأرض والمقاومة.
واتسمت قصائده بسهولة الالفاظ وعذوبة المفردات وجريانها على أنغام تتوافق والحس الشعبي والأحوال النفسية.
وترك كمال ناصر وراءه مجموعة كبيرة من الكتابات الشعرية، وديوانه اليتيم ” جراح تغني “، وأهم كتاباته ومآثره النثرية افتتاحيات مجلة ” فلسطين الثورة “.
كمال ناصر كان شاعرًا ملتزمًا بقضايا وطنه وشعبه التزامًا أزليًا سرمديًا، ليس شاعرًا فحسب، وإنما في كل لفظة تخرج من فيه أو يحفرها يراعه، وجاء شعره صدى للثورة وتأريخًا صادقًا لها، وقضى ليعطي بموته أمثولة تميز الثائر الحقيقي من سواه. فطاب ثراه، وعاشت ذكراه خالدة في أعماق شعبه وذاكرته الثقافية والوطنية.