عودتي الى حارتي وبيتي بعد غيابٍ دام سبعَ سنين
رَكبنا في الحافلةِ ومشينا دندنتُ ودندنت بمسموعٍ وغير مسموع .
بأبيات من قصيدة الشاعر محمود مفلح :
خذيني في الطريق اليك درعا
فقد صار الطريق اليك سالك
فلا لغم يثور اذا مشينا
ولا حفر هناك ولا شرائك
لقد.ان. الاوان لان نصلي
صلاة لاتمزقها المعار
ونبذر قمحنا بذرا جديدا
لنعبر في الحياة كما النيازك
ويلعب حولنا الاطفال زهوا
بلا خوف. ووجه الطفل ضاحك
لقد ذقنا من التهجير ويلا
وداستنا من العرب السنابك
فلا احد اعد لنا طعاما
ولا في البرد حاك الثوب حائك
فضميني الى عينيك درعا
فان..الليل..في عيني. حالك
وأشرب كل يوم الف كاس
وهل يروي عطاشك غير مائك
فلا شمس تضيء بلا سمائك
ولا عطر يفوح بلا هوائك
دخلت ودخلت ودخلت وتغلغلت وتغلغلت !
صرختُ كالمجانين في الدروب ، صَفَعْتُ وجهي ، لأعلم أنيَ لستُ في حلمٍ ، أم غفوةٍ ، أم موتٍ ، طلبتُ من رفيقي ان يقرصنيْ لأعلمَ انني أنا ، لقد شلَّ الأسى رئتاي ، فهل أنا على الأرض أم في كوكبٍ آخر لازالَ يتشكَّلْ .
نظرتُ الى وجه أهلي ، أحبتي جيراني رأيتُ في الوجوهِ عذابٌ لانظيرَ لهُ ، وقلوبهم تحجَّرَتْ وفي داخلهم يغلي الفُ بركانٍ وبركانِ . نظرت سألتُ تساألت :؟
أين أمي أين أبي وحمدتُ الله أنْ غابا منذُ زمنٍ وفاتهما لوعةُ ماشاهدثُ ، فالمشهد ياأمي وياأبي خلَّ توازني ، فسألتُ هل أنا امام مشهد بيتي وحارتي أم أن قسوةُ المشهدِ حجبتْ كلَّ ذاكرتي .
نظرتُ الى الأسقفِ التي كانت تنطق بحياة أهلها خرَّستها وخرَّبتها والتهمتها وهضمتها نيرانٌ مُسَعَّرةٌ وكأنها في قلبِ بركانْ .
فيا أصدقائي ياإخوتي ياأحبتي :
لوعةُ المشهدِ ضيَّعتْ منيَ العنوانْ ؟
فأصبح الحبُّ محمولاً على الآلةِ الحدباء
التي لم ولن تملَّ الحملَ مادامتْ طواحين الموت تجولُ في الأركانْ .
فيا لوعةُ القلبْ فكلُّ بيوتنا أخذت شكلُ مقبرةٍ ولفَّ أهلها الأكفان .
فلا وردٌ ولا شجرٌ ولا حجرٌ والبومُ ينعِقُ في خرائبها ودمعةُ الذلِّ تلمعُ في الأجفانْ .
تساءلتُ ياأصدقائي ياإخوتي ياأحبائي :
أهذا المنزلُ منزلنا وهو الذي كان مُنْيةُ كلِّ إنسان أم هذهِ حديقتنا التي كانتْ بالأمسِ جنةُ رضوانْ .
وصرخَتْ كوابحُ حافلتنا فجأةً وصحوت من حلمي وقمت من قبريَ الحديديِّ حافلتي حيثُ كنتُ أركب.
وبعدها ترسَّخَ في قلبي ماكنتُ بهِ أيقنتْ .
أنهُ مانزلَ بلاءٌ قَطٌ إلاَّ بذنبْ وما رُفعَ إلاَّ بتوبهْ .
وأنهُ سيصبحُ عاجلاً أم آجلاً كلُّ الذي فوقَ الترابِ ترابُ . وتذكرت اغنية الراحله كوكب الشرق
أنَّ هذا الثرى تَشَكَّلَ من أعينٍ جميلةٍ ساحرةِ الإحورارْ . انها اعين حوراء جميلة لأعز الجيران اختلطت بالثرى لتصبح في يوم من الايام جزء منه
.
وصدق الشاعر ابن نباته السعدي حيث قال:
ويصدم الجمعان والنقع ثائرٌ
فيسلمُ مقدامٌ ويهلكُ حائدُ
ومن لم يمت بالسيف مات بغيره
تعددت الأسبابُ والموتُ واحدُ
وتمتمتُ طويلاً :؟
مردداً قولَ الشاعر زهير ابنُ أبي سُلمىٰ :
رأيتُ المنايا خَبْطَ عشواءَ منْ تُصِبْ
تُمِتْهُ وَمَنْ تُخطىءْ يُعَمَّرْ فيهرمِ
طبتمْ وطابت بالحبِّ ايامكم وكل اوقاتكم ياأصدقاءْ .
المهندس .قاسم الحوشان عياش
درعا / سوريا
.