أخيرا جاء إعلان وقف إطلاق النار، استراحت له نفوسنا، تهللنا، وقلنا جاء الفرج لينتهي هذا الكابوس الجاثم فوق صدور أهلنا الغزيين، هنيئا لهم لأنهم سطروا نهاية تتمناها قلوبهم، كان صمودهم أسطوريا، سيسجله التاريخ لهم صفحة ناصعة، تُرفع لها القبعات، وتنحني الهامات، والأهم من ذلك أن اتفاق وقف الحرب صيغ بشروطهم، دليل نصرهم … عودوا إلى أرضكم أيها الغزيين، عودوا إلى مسقط رأسكم، نتحسف كون بيوتكم تهدمت، لكن أرضكم باقية، جذوركم ضاربة فيها حتى النخاع، عودوا إليها بإرادتكم، وهمتكم العالية ، نفرح لكم ونتألم لأنكم دفعتم ثمنا باهظا من دمائكم، وأرواحكم، هُجّزتم، وتهدمت بيوتكم، ومدارس أبنائكم، ومستشفياتكم، وأسواقكم، ودور عباداتكم، وكل مقومات الحياة لديكم، لكنكم لا زلتم صامدين، نعلم أن فرحتكم يشوبها حزن دفين على أشياء كثيرة، لا تتسع لها صفحات الكتب، فأنتم الكتاب الحي الناطق الذي يسخر من محاولاتنا لفك رموزه، لكننا عندما نقرؤه بخطكم وخطواتكم نراه واضحا غير ملغز، سلسا بعقده وهول ما مر بين سطوره من أحداث ومصائب، لكننا مهما حاولنا أن نجسدها في كلماتنا لن تضاهي براعتكم في الأداء الحي، نقول أداءكم ونحن نعلم أنها ليست تمثيلية إنما أداء حقيقي ينبض بالحياة التي لن تنتهي ولن تُقمع ما دام فيكم عرق ينبض، والأهم من ذلك رغبتكم في البقاء والتصدي تفرض نفسها واقعا ملموسا.
وأخيرا نقول حذار يا أحبابنا فالمعركة وإن بدت منتهية لكنها مستمرة ما دامت أرضنا مغتصبة، والعدو لا يُؤتمن بدليل ما فعل في لبنان بعد إعلان الهدنة، لكننا نأمل أن يكون الأمر مختلفا هنا في غزة العزة، لا نقول هذا لنحبطكم، أو ننغص فرحتكم ، لكننا نجاهر بها خوفا عليكم، وتوجسا من عدونا الغدار، ومع هذا فالنصر كان حليفكم، وسيبقى كذلك ما دمتم أصحاب الحق، كونوا كما أنتم، كونوا مَثَلنا الأعلى في التصدي والصمود الذي لم يشهد التاريخ له مثيلا. تحية لكم وللثوار والمجاهدين الأحرار، والرحمة والخلود للشهداء، والنصر آت بإذن الله ولو بعد حين.