إن من أكثر مايهم الشعراء وما يشغل تفكيرهم هو تحقيق الامنيات لذلك تجدهم يكثرون من ترديد كلمة ليت ومشتقاتها
و كلمة ليت، بفتح اللام: كما جاء في لسان العرب كلمة تمن؛ تقول: ليتني فعلت كذا وكذا،، ،
تقول: ليت زيدا ذاهب؛ قال الشاعر:
يا ليت أيام الصبا رواجعا
فإنما أراد: يا ليت أيام الصبا لنا رواجع، نصبه على الحال؛
ويقال: ليتي وليتني، كما قالوا: لعلي ولعلني، وإني وإنني؛ قال ابن سيده: وقد جاء في الشعر ليتي؛ أنشد سيبويه لزيد الخيل:
تمنى مزيد زيدا، فلاقى
أخا ثقة، إذا اختلف العوالي
كمنية جابر إذ قال: ليتي
أصادفه، وأتلف جل مالي
و تتفاوت الأماني والآمال من شاعر إلى آخر ومن موقف إلى آخر لكن هاهنا بعض الاماني الطريفة والظريفة لبعض الشعراء
فالشاعر كريم العراقي رحمه الله يصف حالته وقد استعارت إحداهن معطفه لشدة البرد في أحد المطارات فيقول
الكل من حولي هتف
بردٌ مخيفٌ وارتجف
وأنا عن الكل اختلف
في داخلي دفء خفي..
فهي استعارت معطفي
* * *
يا معطفي ما أسعدك
قربي وما.. ما أبعدك
حاولت أن لا أحسدك
يا ليتني أنا معطفي..
وكذالك بشار ابن برد أهدت إليه إحداهن مسواكا من أراك فقال على الفور
لمَّا أتاني على المِسواكِ ريقتُها
مَثلوجَةً، كزُلال الماءِ بالرَّاحِ
قبَّلتُ ما مسَّ فاها ثمَّ قُلتُ لهُ:
يا ليتَني كنتُ ذا المِسواكَ يا صاحِ
وقال العاشق الولهان قيس ذريح
وَفارَقتُ لُبنى ضَلَّةً فَكَأَنَّني
قُرِنتَ إِلى العُيوقِ ثُمَّ هَوَيتُ
فَيا لَيتَ أَنّي مِتُّ قَبلَ فِراقِها
وَهَل تَرجِعَن فَوتَ القَضِيَّةِ لَيتُ
ومن هؤلاء عمر ابن ربيعة الذي خرج بأمانيه من نطاق الدنيا إلى الآخرة حتى لو كانت ترمي به إلى جهنم حيث يقول
فَيا لَيتَ أَنّي حَيثُ تَدنو مَنيَّتي
شَمَمتُ الَّذي ما بَينَ عَينَيكِ وَالفَمِ
وَلَيتَ طَهوري كانَ ريقَكِ كُلَّهُ
وَلَيتَ حَنوطي مِن مُشاشِكِ وَالدَمِ
و ياليت أم الفضل كانت قرينتي
هُنا أو هنا في جَنَّةٍ أَو جَهَنَّمِ
اما المتنبي فيصف ما أصابه من الضعف والهزال بسبب بعد أحبته فيقول
فَيا لَيتَ ما بَيني وَبَينَ أَحِبَّتي
مِنَ البُعدِ ما بَيني وَبَينَ المَصائِبِ
أَراكَ ظَنَنتِ السِلكَ جِسمي فَعُقتِهِ
عَلَيكِ بِدُرٍّ عَن لِقاءِ التَرائِبِ
وَلَو قَلَمٌ أُلقيتُ في شَقِّ رَأسِهِ
مِنَ السُقمِ ما غَيَّرتُ مِن خَطِّ كاتِبِ
وهذا الشاعر ابن هرمة يقول وقد ضاق ذرعا بناس زمانه:
ليت السباع لنا كانت مجاورة،
وأننا لا نرى، ممن نرى، أحدا
إن السباع لتهدا عن فرائسها
والناس ليس بهاد شرهم أبدا
و من طرائف التمني ما روي أن أعرابيا رأى إمرة جميلة تسمى الزلفاء تحمل طفلاً وكانت كلما بكى الطفل قبّلته ليسكت فقال الاعرابي
ياليتني طفل صغير مرضعا
تحملني الزلفاء حولا اكتعا
إذا بكيتُ قبّلتني أربعا
إذن ظللت الدهر أبكي أجمعا
وأخيراً شاعرنا ود الرضي رأى بعض الفتيات في الضريح يتبركن بالقبر ويقبلن أركانه فقال
جن يتمايسن والنصيص مخروت
اردافن والحلي مابين نفي وثبوت
زاورن الضريح للفضلهم مثبوت
عليه اتلاثمن ياليتني التابوت