الحلقة السادسة
بقلم: فابيولا بدوي
النص وحده لا يسجن:
قد تكون النصوص قد فتحت الباب للهيمنة، لكن المجتمع هو الذي شيّد الأسوار العالية حول النساء.
فالنص قد يُقرأ بألف طريقة، أما القيم الاجتماعية المتوارثة، فهي التي تبني جدرانًا لا تُرى ولا تُكسر بسهولة.
حين تترسخ القيود في القلب، تصبح أقسى من أي قيد قانوني أو ديني. وهكذا صار الجسد محاصرًا، والعقل محاصرًا، والروح تحلم ولا تطير.
ما هي أسوار المجتمع؟
ليست القوانين وحدها التي تُقيد النساء، بل ذلك العقد غير المكتوب الذي يفرض على كل أنثى أن تتقمص أدوارًا مرسومة سلفًا:
– الأسرة التقليدية.
– العيب والسمعة.
– الإعلام والتعليم.
إنه الحصار الناعم الذي لا تحتاج فيه المرأة إلى سجان، لأنها تحمل السجن معها أينما ذهبت.
آليات ضبط النساء اجتماعيًا
– العار الاجتماعي: أن تكون امرأة معناه أن تكون مسؤولة عن سمعة الأسرة بأكملها.
– الشرف كأداة قمع: عباءة ثقيلة تُلبس لجسد المرأة فقط.
– تقييد الطموحات: الزواج المبكر، الحظر على التعليم أو العمل.
هكذا تتحول الحياة اليومية إلى خريطة ألغام.
الدراما والفن: الحراس الصامتون للأسوار
لم تعد القوانين ولا النصوص وحدها تصنع القيد، بل أصبحت الدراما والأغاني والمسلسلات أدوات ناعمة لإعادة تدوير الذكورية اليومية.
كل عمل فني يعيد هذه الصور دون نقد، يبني حجارة جديدة في سور العبودية دون أن يدري.
قمع حرية الرأي والتعبير: السور الأعلى
حين تُمنع الكتب وتُشيطن الكتابات، وحين يُتهم كل سؤال عن الحرية بأنه خيانة أو فجور، يُخنق المجتمع بالصمت.
إنه السور الأعلى، الذي يمنع المرأة من حتى التفكير في الحرية.
التناقضات الداخلية: الصراع الصامت
الكثير من النساء يعشن صراعًا صامتًا بين نصوص تحلم بالرحمة ومجتمع لا يعرف إلا السوط والعار.
والمأساة أن كثيرًا من النساء أصبحن شريكات دون وعي في إعادة إنتاج القمع.
استراتيجية التحالف النسوي: كسر الصمت أولاً
تحالف الضرورة لا يكفي أن يحلل، بل يجب أن يكسر الأسوار الاجتماعية:
– تفكيك القيم.
– بناء ثقافة المقاومة اليومية.
– دعم الرجال المؤمنين بالحرية.
التحالف لا يعادي الأشخاص، بل يواجه البنية التي تصنع منهم أدوات قمع دون وعي.
التأكيد: كسر الخوف لا الأشخاص
حين نكسر الخوف داخل المرأة، نحررها من الحاجة إلى استرضاء السور.
فالعدو الأول ليس الرجل وحده، ولا النص وحده، بل الخوف المتغلغل في القلب.
في النهاية: الحرية تبدأ من الداخل
لا تُكسر الأسوار بضربة واحدة. ولا تتحرر المرأة حين تسقط القيود الخارجية فحسب.
بل حين تحطم بنفسها خوفها، وشعورها بالعار، وإيمانها القديم بأنها “نقص يجب أن يختبئ”.
إنه زمن التحرر الداخلي، قبل أن يكون زمن التحرر الاجتماعي.