نذ الأزل تعاني البشرية من أنواعٍ مختلفة من الجوائح والملمات والتي فتكت بملايين البشر وكان لهذه الأمراض تأثيرها الكبير على البشرية بشكل عام فلم تقف التأثيرات على موت الملايين من البشر على الرغم من جسامة وفداحة هذه الخسائر. فكل إنسان من هؤلاء هو بحد ذاته قصة، فهو بالنسبة لأسرته وعائلته الصغيرة أو الكبيرة ليس مجرد رقم من هذه الملايين العديدة وهذا أمر ليس فقط محزن وإنما هو حقيقة يحز بالنفس كثيراً.
برغم هذا الألم الكبير الذي تتركه هذه الأمراض إلا أن الأمر ليس مقتصراً على الجوانب السلبية فعلى مر العصور استطاعت البشرية التغلب على الكثير من هذه الجوائح بل وأبدعت بإيجاد الحلول والعلاجات المناسبة لها وهذا هو المأمول هذه المرة أيضا.
فالبشرية بما تمتلك من خبرات تقنية ووسائل طبية وتكنولوجية متقدمة قادرة على إيجاد المضاد المناسب لهذا الفيروس القاتل.
لذلك نرى بأن الحلول هي فقط مسألة وقت لا أكثر، أما ما هو مقلق فعلاً هذه المرة فهو ليس الفيروس بحد ذاته أو حتى ليست تداعياته الإنسانية الكارثية على البشرية بدون أي تقليل بهذه التداعيات الجسيمة التي نرى أثرها على الواقع اليوم.
أما ما يبعث على الخوف والقلق الكبير هي تداعيات هذا الفيروس على العلاقات الدولية فما نرى هذه الأيام من محاولات لتحميل المسؤولية لطرف بعينه على أنه المسؤول عن هذه الكارثة الإنسانية الكبيرة أو ما نشاهده من محاولات استغلال كارثة بهذا الحجم لأغراض سياسية أو تكتيكية لمصلحة هذا البلد أو ذاك في حلبة المصارعة الدولية بين بعض القوى على اقتسام السيطرة إن كانت الاقتصادية أو التجارية أو حتى العسكرية، هذه المحاولات هي الفيروس الحقيقي المسمم والمهدد لسلام العالم وأمنه واستشهد بما حذر منه بعض الخبراء المرموقين وأخص الخبير الاقتصادي طلال أبو غزالة من أن العالم يتجه لا محالة لحرب عالمية ثالثة قد تقضي على الأخضر واليابس وقد تعيد العالم بأسره للعصر الحجري الأول لأن الخطورة الكامنة لنزاع من هذا الشكل هو خروجه عن السيطرة، وفي هذه الحالة يصبح أي خطأ مهما كان صغيراً قادر على إشعال العالم وإحراقه بحرب كونية مدمرة.
فوجهة النظر التي نطرحها من خلال هذا المقال هي الدعوة المخلصة لتجنب الكارثة من خلال إقصاء وتنحية المسألة الإنسانية البحتة والتي لها علاقة بسلامة البشرية كلها عن التجاذبات السياسية والدولية ومحاولة نقل صلاحية مثل هذا الملف المعقد فقط لإدارة منظمة الصحة العالمية والتي هي المعني والمخول الأوحد لإيجاد طروحات وحلول واقتراح إجراءات لها علاقة بسلامة البشرية فللجميع مصلحة استثنائية بالقضاء على مثل هذه الأوبئة وعدم نقلها لشعوب أخرى مهما كانت درجة الخلاف والعداء فيما بينها، والأهم هو عدم استغلالها لتحقيق مكاسب هنا أو هناك مهما بدت هذه المكاسب كبيرة في المدى القصير ولكنها في الحقيقة هي ذات إشارات تدميرية للحياة الإنسانية على المدى البعيد.