آية حملت في طياتها وعد ووعيد شديد، وأمل ورجاء قد يكون قريب أو بعيد، له ارتباط وثيق في حياة البشر في ا لآخرة………
إذن لابد من معرفة معنى الخَوْف في اللغة العربية فهي تقرب وتفصح المعنى وتجليه لنا…
الخَوْف :-هو شُعورٌ بالقَلَق يَعْتري المَرْء حِيالَ خَطَر وتَهْديد تصحبه ردودُ فِعْل حركيَّة مختلفة، نتيجةَ توقُّع مكروه ورُعب، ووَجَف القلب…عندها لا يتملك الخائف فرائصه وجوارحه فيرجف ويضطرب من الخوف ويؤثر على ملكاته العقلية وتصرفاته الشخصية………..
ومن خلال مطالعة الآية الكريمة أعلاه، تجد لها إشارات ودلالات بأن الخوف والاضطراب يختلف بين الخوف من الله، والخوف الذي يقع من الإنسان على أخيه الإنسان ظلما وعدوانا، ففي مقارنة بسيطة بين الخوفين تجد أن الخوف من الله له مؤشرات إيجابية… والخوف من البشر مؤشراته سلبية وله آثار جانبية…………………
بداية الخوف من الله يصب في مصلحة أفراد المجتمع جميعهم بما فيهم الخائف فهو يتجنب الوقوع في المعاصي التي تؤثر على نسيج وترابط المجتمع… مقابل طاعة أوامر الله ومراقبته وخشيته منه………..
أما الخوف من البشر فهو استغفال لهم وتحين الفرص لانتهاك الروابط والقانون الوضعي دون رقيب أو حسيب….
فالخوف من الله اللجوء اليه، والفرار منه اليه، وهذا مؤشر إيجابي يدل على الفرار من المعصية إلى الطاعة على العكس من الخوف من البشر فهو سلبي فرار من بطش إلى جهة آمنة،
قال الله تعالى” فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ” من معصيته إلى طاعته……..
وفي الحديث قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ خَافَ أَدْلَجَ وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ أَلاَ إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ ”
صورة حقيقة للخائف وسرعة متناهية نحو منزله الذي يجد فيه الاطمئنان….فالهرولة من الدنيا مطلوبة{{وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}}
حذاري فرارك نحو البشر فالكثير لا يغفر ولا يسامح…,,,,,
فالخوف من الله الامتناع عن نواهيه والوقوف عند أحكامه وبذلك يكون للمرء مكافأة عظيمة له على ذلك عند الله {{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}}
جنتان؟؟؟قال مجاهد:- هو الرجل يهمّ بمعصية الله تعالى، ثم يتركها مخافة الله” فله جنة لفعل الطاعات وجنة أخرى لترك المعاصي والآثام وهذا حافز وشحذ للهمة نحو جنة المأوى…
قال الله تعالى :-
{{ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ *
وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ***
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}}
وفي الدنيا…قال الله تعالى :-
{{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا :- لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا *
فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ***
وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ *
ذَٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي *
وَخَافَ وَعِيدِ }}}
بينما الخوف من الوقوع في محذورات البشر يترتب عليه عقاب؟؟؟ ولا يوجد له أية جائزة مطلقا فأنت ملزما به بقوة القانون…
ومن خلال استعراض كلمة المقام في الآية فهي المكانة المميزة والهيبة والخشية وحضور القلب والمراقبة، واليقين والأيمان……
قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:-
«الْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ *
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ»
إذن هي مراقبة ذاتيه، فأنت تراقب نفسك والله رقيب على مراقبتك، وهذا هو الإيمان أعظم وأدق مراقبة؟؟؟…
ففي الحديث :- “” انْظُرْ أَنْ لا يَرَاكَ اللَّهُ حَيْثُ نَهَاكَ،،،،،،
وَأَنْ لا يَفْقِدَكَ حَيْثُ أَمَرَكَ ,،،،،،،،،
واسْتَحِ فِي قُرْبِهِ مِنْكَ ,،،،،،،،،،،،،،،،
وَقُدْرَتِهِ عَلَيْكَ “”””””””””
أما الخوف من البشر مراقبة قائمة على الالتفات والالتفاف والتملص وقنص الفرص، فالنتيجة عقابية…. دون جائزة مرضية
وقد وجدت أجمل قصة قرآنية تصلح مثال في هذا المجال آسيا بنت مزاحم زوجة فرعون طلبت من ربها بالذات،
{{…إِذْ قَالَتْ:- رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ***
وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ***
وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }}