آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية
لصحيفة آفاق حرة
عصفور وكلمات صباحيَّة
الفيلسوف الباسم
خاطرة
بقلم. نجيب كيَّالي. سوريا
تذكَّرتُ اليوم وأنا أرتشف قهوةَ الصباح صديقاً قديماً رائعاً، انقطعت أخباره عني بسبب الحرب السورية.
كنا في حلب، وهو من تلك المدينة العريقة، فيه الكثير من بهائها وشموخها، لكنه لا يحمل خطَّ الحزن الذي نجده أحياناً على قَسَماتها، هو يكبرني بعشرين سنة، لكنه يتمتع بروح الشباب، وابتسامتُه وردةٌ بيضاء دائمةُ التفتح على وجهه!
اسمه: أبو رياض، وكان كثيرَ القراءة، قرأ الشعرَ العربي والكثيرَ من الشعر العالمي، قرأ في الأديان والفلسفة والتاريخ والروايات والمثيولوجيا، وكان يكتب مقالاتٍ رائعة، يقرؤها للأصدقاء، لكنه لا ينشر، ربما يريد لعمله الناضج مزيداً من النضج، وربما يضمر ازدراءً لمواقع النشر التي تسيطر على معظمها شلل، وجماعات منغلقة على مصالحها. المهم، سمَّيتُ أبا رياض بيني وبين نفسي: الفيلسوفَ الباسم، لأنَّ له أقوالاً كثيرة كلُّها تتسم بلمسةٍ مرحة، من أقواله:
* الحزن قلمٌ يكتب، والفرح ممحاة، فامحُ بالثاني ما كتبه الأول.
* لا تنتظر شمسَ الشموسة حتى تشرق، أطلِعها أنتَ في قلبك، ولو كنتَ في نصف الليل.
* لا تحزني يا سيدتي الحلوةَ الحسَّاسةَ المشاعر إذا طلَّقكِ زوجك، ولم يقل لكِ مرةً واحدة: أنا أحبُّكِ إنه حمار. دعيه، وحاولي في المرة القادمة أن تتزوجي من غزال أو بلبل.
* العاهرات لسن الأقلًّ شرفاً، لو قارنتهن بما هو موجود في عالَم السياسة الدولية لوزَّعتَ عليهن شهاداتِ الطهر والبراءة!
* إياكَ، إياكِ، إياكم أن تُصدِّقوا أمريكا. إنها تفطر كذباً، وتتغدى كذباً، وتتعشى كذباً.
* جاء للعميان ولد، ولكثرة مالمسوا عينيه أصابوه بالعمى، كذلك فَعَلْنا بأمجاد ماضينا!
* لا تلتفت كثيراً إلى الوراء، فقد تنخلع رقبتك، أو تعمى عن الطريق، فتقع في جُبّ!
* لبعض الأمم رسنٌ كالدواب تقاد منه، ورسننا نحن العرب أننا نثقُ بالأجانب بعد نصفِ كلمة حلوة، ونُسلِّمُهم رقابَنا!
* إذا جاءك الموت فلا تستسلم له. انهض من سريرك، وتمشَّ أمامَهُ، وإذا استطعتَ فارقص واضحك، الضَّحِكُ والرقص يُربكانه.
*
٢٠٢٣/١/٣
