– الحياة جميلة.
= على العكس فهي بشعة للغاية ، بشعة جدًا.
– من اخبرك بهذا ؟! فالحياة مليئة بالسعادة يا صاح ، وفي كل أركانها سعادات مبعثرة ، كل ماهو عليك فقط أن تقوم بالتقاطها.
= لن تقنعني مطلقًا ، فهي التي فطرت قلبي وأنا أعرفها جيدًا ، هي التي أوصلتني لهذه الأزمة النفسية ، ليتني ما وجدت لأعيش كل هذه الحسرة !!
فأنا الآن أصبحت أجوب أزقة الضياع وأمر بين مباني الحزن والقهر ، التي استوطنت أعماقي ، وتريد مني التقاط السعادة هاه ؟!
– يا للمسكين يبدو بأنه لا يحمل مقدار ذرة من أمل ، حسنًا سأدعه؛ فقد باءت جميع محاولاتي لمؤاساته بالخيبة ، لعل هناك ما سيسعده ، فالقدر يخبئ لنا دائمًا ما لم نكن نتصور.
كنا أنا ونفسي وحدنا ، نتشاجر بعنف بينما الليل في منتصفه.
السماء معتمة ، لتراكم السحب السوداء فوقها.
قلت لنفسي التي خاصمتها للتو : هذه التفاصيل تنبئ بقدوم المطر.
انتظرنا هادئين ، فقد كنا بأمسِّ الحاجة إليه ، إلى هطوله ، إلى ملامسة قطراته الأشجار والجماد وسطح الأرض وقلبي وتلك الأفكار.
صحيح بأن المظاهرات المستبدة بداخلي ، توقفت لانتظار نزول قطرات المطر ، فالجموع كانت تنتظر سماع صوته لعلها تهدأ وتغتسل وتتطهر الأفكار من بشاعة اليأس ، ونعود أنا ونفسي معًا في سكة واحدة ، ونركب موجة واحدة فوق زورق التفاؤل.
ولكن المطر تأخر ، فانتظرت أنا ونفسي صامتين ، ولا أدنى حركة ، وبعدها ببرهة تبددت الغيوم ، فقعدت أنتظر لعلها تتجمع ثانية وتمطر ، ولكن سرعان ما مللت من الانتظار، وأنا أكره الانتظار !!
فعدت أبحث عن القمر؛ فقد اعتدت الراحة برؤية ضوءه الرقيق ، ولكني لم أره هو الآخر ، فوجهت رأسي ولففته للنواحي جميعها ، وأيضًا لم أره !!
في تلك الليلة حتى ضوء القمر لم يكن مقدرًا له كذلك تبديد الحزن المتعمق في أحشائي ولو حتى قليلًا ، فبات الواضح لي بأن كل المعطيات تعاونت على تلك المضغة في الجهة اليسرى من جسدي المسكين ، وبات مؤكدًا بأن المعركة ستعود حتمًا ويالها من ليلة ظلماء موحشة.
وعادت المعركة ، وخيم الحزن من جديد ، لم يكن لدي خيار لأختار ، ولا مكان للفرار ، فلم أكن أستطيع الانتصار ، فرضيت بالهزيمة ، وبكيت كثيرًا ،
وعدت أتمنى لو أنها أمطرت.