أتساءَلُ كلّما تبلّلَتْ أصابعي ،
كيفَ للجرفِ ألا يظلَّ مستقيماً وهوَ يعطشُ كما أنا ؟
وفي كفّي غَرفةٌ الآنَ
أتمضمضُ …
ثمَّ يبقى كلُّ شيءٍ منّي دونَ أن تجرفَهُ الحركةُ،
أو نتفٌ يحملُها الماءُ لأتفتفتَ كما الجرف …
يفيضُ من بينِ جرفَي النّهرِ
كلّما أودعتِ السّماءُ في بطنِهِ أحجيةً
وصارَ كرشاً لِما تمطرُهُ الغيومُ،
غنّى النهرُ وفتحَ ذراعَيهِ لتنشدَ على ربوةٍ منهُ العجائزُ
(دللول) ايها الغرباءُ
ثمةَ وطنٌ سائلٌ يُؤوي الجياعَ،
يلفُّ (وزرتَهُ) ويصيرُ مضيافاً،
أتساءلُ عن معنىً للسّواقي التي لم يشهدْ سيلُ حلمتِها وهي تهمسُ في الجيوبِ،
أتساءلُ عنِ الجيوبِ كيفَ لا تتهرّأ؟
وهيَ تفي بنيّةِ أزرارِها/ رغبةِ خيوطِها / لينِ فتحاتِها لمَنْ يمدُّ يدَهُ وهو على الجرفِ،
كيفَ لا تذبلُ صورُ النّخلِ؟
وهيَ كالوميضِ يجفُّ من مصدرِهِ / كالزّهرِ يتخلّى عن حقيقتِهِ كلّما ترجّلَتْ وريقاتُهُ/ كالبريدِ حينَ يصلُ ويفي بعهدِهِ / يكشفُ عمّا لمْ يُتلَ منهُ للشّواخصِ رغمَ رغبتِها لتعرفَ
كيفَ لا تذبلُ الصّورُ/ تموتُ/ تتلاشى/ أو يسرقُها العبَثُ.
أيّها المتذمّرونَ من البللِ/ من التّعرّي الذي يفرضُهُ النّهرُ / من التّسرُّبِ إلى الأشياءِ دونَ إذنِها كالنّزيز .
ما يفيضُ عنِ الجوانبِ يمنحُنا الوجهةَ/ يثيرُ جدلاً في كونِهِ الأكسيرَ الذي يمسكُ بنا بأصابعِهِ لنحيا….
ما يفيضُ يسلكُ طرُقَهُ مرتعشاً
ونحنُ أوانٍ ثابتةٌ
كالياسمينِ حينَ يكونُ أغنيةً نائمةً
أو مرَّ بهِ البللُ.
