لا أنظرُ لها، أنا أنظرُ بها..
أتعالى بها، وأحتمي من مزيج الآخرين بفردانيتها
لأني قليلها المتنافر، لا صلة لي بوطن ولا مدينة ولا بيت
ولا صلة لي بي، لا أستقرّ في جسدي
إن انقطعت صلتي بها..
كيف تلتصق الصفات ومِمَّ تنشأ الصفة؟
وأي صفة ستبقى لي إن لم تكن هي؟
كيف لا أصمت حين تحتدم الأشياء وتتداعى؟
كيف لا أخجل من محادثة نفسي عاريًا؟
كيف تصرّ حياديتي أن تكون سمراء لا رمادية؟
إنها هي، إنها هي
سلطتها عليّ، وبعض تأثيرها على الإنسان فيّ
لقد ملأتني، ولم أرد يومًا أن أتخفّف منها..
لكنني لستُ هيَ، أنا لست مثلها
لأنّي لستُ إلّا بعض شيء من أشيائها
أنا الهادئ كالليل، المتفادي زحام الانتماءات والهويات
المنشغل بي، الناحت إيّاي،
والناقش خصوصيّتي على المكتظ والفارغ من الزمان والمكان.
لا أريد أن أتخيّل كيف سأكون لو لم أشبهها،
لو لم ترسمني بأنفاسها، لوحة من بخار داكن..
أنا الحيّ بها، إن متّ سيتذكّرني الجميع باسمها..
غياب ظلّ الآخر فيّ، لمعان طيف أناي أمام الآخر
وجودي كُلّي فيّ، ووجودي كُلّي في غيري
هو تأثيرها عليّ.. هي هي..
لا شيء ولا آخر غيرها
الخافتة صوتًا، الصاخبة صدى
لكم تساءلت كيف تشكلتُ أنا؟
كيف نمت ذاتي؟
كيف وجدت طباعي فيّ..؟
كيف تتكوّن الطباع، وكيف تتفق معها الملامح؟
ولماذا ينقشهما الزمن معًا على الجبال والوجوه؟
كانت الإجابات أمامي دومًا، كانت خلفي وفيّ وملء جهاتي..
كانت هي، إجابة وحيدة وجدتها داخلي:
لكم صيّرتني وصقلتني وشكّلتني حضرموت