منذُ عرفتُ أبجديات الحياة ذات زمنٍ
مضى وأنا لم أزل طفلا ، وعيناي تبحث
في السماء عن واجدها ، وحين كبرتُ
وصرتُ صبيا يافعا ، بدأتُ أسأل كل
من حولي عن ماهية الوجود فيجيبني
الكل أنَّ الواجد لها في السماء ..
حين صغري عندما كُنت أكثِر من مثل
هكذا أسئلة يربتون على كتفي برفق
ويدعوني بالعبقري وهم يقولون عني
سيكون له شأن عظيم .
وحينما كبرتُ وأردتُ أسألهم بمثل
هكذا أسئلة قاطعوا كلامي ونهروني
وقالوا لي هذا نوعٌ من الكفر والإلحاد ..
عندها فقط بدأتُ أصمت في حضرت
الجميع ، ومنذُ ذلك الحين وأنا أعشق
البراءة و الطفولة معاً ، وإلى اليوم
وأنا ما زلتُ أكتب عن الحنين ، وكلما
لاح بارق الذكريات على خيالي هاتفتُ
ذلك الماضي البعيد .
ستظلُ صفحات البدايات الأولى جميلة
لا تُضاها حتى لو حققنا كل أمنيات
حياتنا .
عش مع كل البدايات كأنك لم ترها
إلا أول مرة ، فشروق شمس الصباح
بداية يومٍ جديد ، وطفولتك الأولى
بداية شخص جديد ، وتفتح أزهار
الربيع بداية فصل جديد ، وخواطرك
الأولى بداية فكر جديد .
بين الحنين والبدايات الأولى عبرٌ وحكم
عديدة لا تُحصى ..
هب لنفسك خيالا واسع حين تصحوا
مبكرا ، وأنت تصافح نور الفجر بعينيك
وتستنشق أنفاس هواه النقي لترى
حكمة عظيمة في سر صلاة الفجر .
دع سمعك المرهف يصغي لصوت ديوك
الصباح وشاركها فرحة الإستيقاظ
لستقبال فجر وافدٍ جديد ، هناك فقط
ستكتشف سر جمال أصوات تلك الديوك .
حلِّق بخيالك الواسع في صفحة السماء
المزيّنة بالنجوم وأنت مستلقٍ على سقف
منزلك بعد غروب شمس الأصيل بساعة
حين تستقبل غسق ذلك الليل الصامت
البهيم ، لترى عندها عظمة سعة هذا
الكون ، وحكمة الصانع و الخالق لتلك
الحقائق والمدركات .
في الكون الذي تعيشهُ حقائقٌ لا تُدرك
إلا إذا أمعنت النظر فيها ، عند معرفتك
لذلك السر وحدهُ ستقف مبهورا مع
نفسك ، وحدها تلك الحقائق من أجابت
على تساؤلاتي دون إن تتهمني بالكفر
والإلحاد ..
على عكس البشر الضيقة الصدر ، ستجد
في الكون ألف آية وآية ستخبرك عن
سرٍ مفاده ( أفلا يتفكرون )
سر البدايات وُجد مع بداية الكون ،
ويبقى الحنين من يسوقنا إليه بدون
مقدمات .
