(رصيف مبتل يلتحف العتمةُ،
فم عطن يتعطرُ بدخانِ السجائر الباهظة،
ذئب كهل تتساقط أسنانه)
كان الذئب هناك…
يراوغ ظلَّهُ؛ فيحاكي بجعة سوداء
ذئبٌ أطلقه السادة
بلا قمرٍ ينصت إلى العواء
بلا جوعٍ نبيلٍ يسوِّغُ لهاثه
جوعه.. كان شيئًا آخر؛
كحذاءٍ يقتات الوحل،
كضميرٍ مُسجًى على طاولةِ رهان
عيناهُ مرآتانِ مكسورتان،
تعكسانِ كل مَن مر قبله،
كل فريسةٍ تحجَّرت الصرخة في حنجرتها
كل وعدٍ صيغَ من عسل وطحين؛
غُمسَ في كأس الخمر البخس!
يتراقص ذئب الحانة
قدمه لا تخطئُ الإيقاع،
يجيدُ فنَّ السقوطِ في أحضانِ الليلِ
مولودُ الظلمة البائس،
ويحه من غده الغائب.. لا يدري
في الحيِّ الأفرنجي،
لا فرق بين العواءِ والموسيقى
ترتدي الفضيلة أقنعة الكرنفالات
كان الذئب هناك،
يمزقُ المسافة بين الكبرياءِ والرذيلة
يلوك النبض المرتبك للعيونِ المُترفة
يختفي مع آخرِ نغمةٍ ثم يعود؛
ليقبل أقدام من صنعوه……
-ثم… ؟
-ها(…)؟!
مات وحيدًا على رصيف مبتل يلتحف العتمة.