ليست مجرد كلمات على ورق، بل شهادات كُتبت بدم، لا بحبر. رسائل ملفوفة بخيط الزمن، عالقة بين طيات الغياب، سجينة مكانٍ لم يعرف النسيان، لكنه تواطأ معه في الصمت.
ورقة منسية، احترقت أطرافها تحت لهب الأيام، ومع ذلك.. بدت وكأن لها لسانًا مكبوتًا، يصرخ من عمق السكون. وكأن لحروفها أقدامًا واهنة، تود أن تركض، أن تنجو، أن تثور. تود أن تملأ الفراغات التي خلفها الرحيل، وتجيب عن الأسئلة المعلقة بين الذاكرة والنكران.
لم تكن مجرد بقايا، بل رفات حكاية قاومت التلاشي. صمتها ليس عابرًا، بل صمتٌ نضج في الألم حتى غدا حكمة. وعلى أطرافها، ارتسم وجعٌ عتيق، ذاب تحت شمعة النسيان، لكنه لم يمت.
ذاك الرماد، الذي أراد له الغياب أن يكون خاتمة، تتنفس فيه الأمل، وتشكل منه معنى لا يزول.
كأنها تهمس من تحت الرماد:
“لم أُخلق لأُحرَق، بل لأبقى..
ذاكرةً تقف عند أطراف أرواحكم،
تُذكركم أن ما كُتب في الألم.. لا يموت.”