عندما لا يهمـّها ، هي العاشقة ،
أن ينفجرَ عمودُ صبحي في صحن نومها ،
وتكتفي بنظرة ما : هائلة ، كأنها صُـمّـمتْ لمسح كياني كله .
عندما أرتجفُ ، كما سعفةٍ ،
وهي بطقس مزاجها المتقـلّــب ، تنتزعُ الريشة الأقوى من جناح وجودي ،
غير عابئة بما قد أصير اليه :
عصفورا في العراء ، يـُعيد اكتشاف صحراء اليد التي أمسكتْ به ،
أو بلبلا لا جدوى من غنائه ،
عند نافذة قلبها المغسول بحمّى القطيعة.
عندما لا يعني لها أمنحها الوردة أو السيف ،
أو حصاني الذي يمر بين حواجبها ،
حاملا على ظهره معطف البرق .
عندما لا غد ولا أمس ،
كأن الحاضر هو الزورق ، وقد جفّ الوقتُ في الساعات ،
وارتدى العالم بدلة الفراغ ،
فلا شيء من الحب كان بيننا ، وما من شيء هناك آت اسمه الفراق .
عندما لا تشوب خرائط عواطفها الا زلازل الخصام،
وقد نسفتْ كون خرائطي المكتظ بالسنابل ،
في لحظة الحصاد ،
قبل أن تنحدر القطرة نحو القطرة ، وتتكوّن البحيرات..
كأنها ما طرقتْ بابي ، ولم أفتحه .
كأنها ما فتحته عنوة ،
فانهارَ سقفُ عزلتي ، وتساقطتْ ثمارها ،
كما الماء ، من على الشرفات .
كأني لم أضع على طاولة التفاوض مفاتح نصرها :
لا حاجة للقتال
فأمام أعنـّة الطوفان لا يملك النبعُ لنفسه شيئا ،
إنما لا تقلقيني لأنني ، قبل أن أكون أسيركِ ، إنسان .
كأني
لم أفتح أمامها براري قلبي الدافئ الحنون ،
لترى الجنة ، ويسكنها العيدُ ..
عندما لم يعد ثمة مكان حتى للغياب ،
واكتشفني مجرّدا ، في خيالـِها ، حتى من محنة الحزن ،
كما لو كنتُ سلكا هاتفيا ، لا يرتجف حين تمر الخلجات من خلاله.
عندما تذهبُ إلى نفسها ،
وأخلعُ نفسي عن نفسها وأتبعها ،
منتظرا أن يتمَّ الالتحام ، فأكتشفُ مجرّتها.
عندما أكشفُ مجرّتي ، نجمة بعد نجمة ،
وتحجبُ سرابها بنيازك باردة ،
كقصائد العاطلين عن التمرغ بالجحيم أو بالجمال.
عندما تهربُ إلى النعاس ،
وأهرعُ باحثا عنها في بحيرة السهاد .
عندما لم يعد التساؤل مجديا ،
كالعتاب على الوقت ،
ولا الشِعر ملاذا من تقطيبة افقها المكتظ بالكمائن .
عندما اُشنقُ بما يقول لها الآخرون ،
وأعود من الموت بما قاله آخرون غيرهم :
عندما عدتُ لا أعرف كم حاجتها من الموتِ ،
حتى أموت ميتةً طويلةً ، تـكفيها والآخرون ..
عندما لم أعد أعرفُ كم شجرة أقطعُ
كي أنتزعَ ، من أرض روحها ، شريعة الغابة .
عندما وجدتُ أن قلبها لا يسع البراءة ،
وأن أصابعَ أخرى تعزفُ لحنَ انكساري ، لتطربها..
عندما أصابها جنوني ،
ولم تطر مع السكون ، مثل ريشة تجرحُ الهواءَ .
عندما أجرّ إليها شمسَ البوح ،
وغرام التلصص عما وراء الكتابة ،
ثم أشرقُ بها على الشِعر ،
فلا تمارس إلا الغروب .
هكذا
تـُنهي القصيدة نفسها بنفسها ، وينطفئ كل شيء .