كلهم ينفثون الدخان في وجهي.
أتأملهم، يتبادلون السجائر والنساء، يتجرعون الفودكا والتيكيلا والمرغريتا كما يتجرعون أحزانهم.
الطاولات مستديرة والنهود أيضا والبطون تكاد تنفجر.. والموسيقا تصدح في عهر المكان كفتاةٍ طاهرةٍ ضلت الطريق.
تبا لهذا الضباب يعربد فوق رأسي وفي مخيلتي وتحت طاولتي محاولًا رفع تنّورتي الضيقة كضيق حاجتي.
يقترب مني أحدهم فيشمئز من شفتيّ العابستين المنكمشتين، وإن اقترب أكثر غمّي عليه من رائحتي المتخمرة تحت إبطيّ وحول رقبتي..
لماذا تقرقر بطني؟!
بينما تهتز بطونهن منثورةً بحبيبات العرق يلعقها الشبق، وأنا أتضور على شريحةٍ من اللحمِ الغارق بالصلصة الحمراء أو السمك المقلي تنام حوله شرائح الليمون والبطاطا فأغتصبها اغتصابا أنزع رأسها وأمص ذيلها وألعق أصابعي إصبعا إصبعا حتى يلوح لي وجهي على الطبق.
هم هنا وأنا هناك أبحث عن ولدي الضائع بينهم!
هم سكارى يترنحون حول طاولتي وأنا أترنح على الطريق لا أملك ثمن قنينة الماء التي هتكتها.