على سفرة الذكريات، تجلس هي وهو بدعوة من قدريهما القريب البعيد……!
كلاهما يدرك جيدا أن دعوة الفراق قد حانت بتوقيت القدر….. !
إرتدت هي ذات الفستان الأنيق الذي ارتدته أول لقاء لهما….. لتراه مرتديًا ذات البدلة التي رأته فيها لأوّل مرّة……. رشت من عطر الألم و الحسرة…. ، لتستنشق الرائحة ذاتها وهما على عتبات الوداع اللعين……!!
يأتي اللوم وبيده قائمة الطعام، يستقبلهما بابتسامة صفراء ساخرة ومعه معطفيهما فطلبت منه أن يعلّقهما على عتبات الماضي……ألقيا نظرة على تلك القائمة دون أن يتبادلا النظرات أحدهما مع الآخر…… ! يطلب كليهما مقبلات من النسيان….. فالذكرى مقبلات محرّمة على سفرة الفراق…..وكطبق أساسي الكثير من العتب والحسرة و الأسف!! تمسك هي بسكينة اللباقة والدلال بشجاعة ويمسك هو بشوكة تقاليد القطيع المتطرفة بتعنت ليثبِت احدهما للآخر أنّهما لم يعودا نسخةً طبق الأصل من تلك الروح التي كانت !
يسرد عليها همومه لتفهم أنّها ما عادت همّه الأول…….فتهديه عطرًا من الجرح والخيبة الثقيلة كهدية أخيرة….. لتراه يهديها أيضا “عقدًا” من الجرح ذاته والخيبة المؤلمة ذاتها……..كم أن العشاق مساكين و أغبياء…..!!
عند دفع الحساب تركا بقشيشاً من المكابرة……ووضعا شوقهما في حقيبتيهما وهمّا بالمغادرة…….يمدّ الفراق اللعين باللوم يده ليصافح كليهما فيمرّ الحبّ الحزين بجانبيهما دون أن يتعرّف إليهما…….فلم يعد لهما بريق الأبرياء….ولا شوق الأوفياء…… ولا حكمة وطهر الصالحين و الأولياء…….. .؟!