مجامر القلب / بقلم : سحر هاني السالم

أعلم  أني لم أذهب يوماً للحرب

تلك التي عدتُ من أزقتها بخيبتين وحسرة

أذكر أيضاً أني لم أمسك أسمال الريح

كي لا أسمع أنّات الطاحون وهي تمزق ثوبَ الليل

أو تلفظُ أنفاسَ الحرب دخاناً لزجاً

يُثقله العنّاب المتخثر

وتنز ّعروق الجنبات الريانة

الريح انسحبت والحرب انسحبت

يمكننا الآن أن نحلمَ بالحنطة

وعصافيرِ الفجر تدغدغ أذنَ الليل

يمكننا أن نفترشَ حقول الشمس

أو نجتازَ حدود الخوف

ونسافر للحب  بلا تأشيرة

قد نرقص للريح

نغرس أرجلنا بالرمل وبالطين

وندوس الثلج الأزرق لنذوب مع الملح.

آه …ياعرائس البحر المخضبات بالأخضر

أيتها الجميلات الشهيات كثمار الكرز

الباسقات كأغصان الشربين

أيتها الفتيات الطازجات

ياعرائش الخوخ الزاحفة الى باب الجنة *

يا بنات الأرز المشربات بالأثير والأريج

لم تكبرن بالدلال يوما” بعد يوم، سنة إثر سنة

بل أجيالاً ترتفع لأجيال وقرونا تطويها قرون

يا بنات العرعر واللزاب :

احني أعناقك للريح فلعلها تمضي عاصفة النار ولعل الليل يربت فوق الأعشاش

ولعل عصافير الحن وزغاليل الحجل

المرتجف المفزوع تسكن للنوم…

ولعلنا نذهب ذات صباح لقطاف الزعرور

أو جمع الفطر وأزهار السوسن ثم نغني

نضحك، نرقص، ونغني

 

نصرخ، نصرخ ثم نذوب

ولربما نختار الصمت ملاذاً  أو وطناً آمن.

هدأت عاصفةُ النار

وراحات النسيان تكنُس أشلاء الوقت

وتفتت أوجاع الذكرى بصدى أغنية للفرح

أغنية للقطن، وللقمح، وللمشمش ولموج البحر

لو أن الحرب لم تترك  في بطن الأرض أجنة

بيضة تنين، وكراتٍ ملتهبة تنفث ألسنة النار

في وجه الكون  فلا ننسى أناتِ الطاحون

وأزيز هشير الأرز  وبخور الشوح

يتناثرُ في محرقة القلب

والغابات رماد…

ر

م

ا

د

ودخان…

* باب جنة : منطقة تنتشر فيها اشجار الأرز والشوح

** الخوخ الزاحف، نوع من الأشجار البرية في غابات صلنفة

* اسماء الأشجار والطيور في النص هي بعض الأصناف المنتشرة في محمية الأرز والشوع في سوريا قبل أن تحترق وكانت اهم محمية في منطقة الشرق الأوسط.

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!