الغيرة هي الحب /بقلم:عبدالصمد قحطان

حين يعتريك غضبٌ جامحٌ سببهُ أن يعزَّ عليك شيئْ تحبه، أن تتملك شيئًا بشدة لدرجة أن الحُنق لا يكونُ عاديًا ككل مرة، بل غضبٌ جامحٌ عرمرم قد يدفعك لتعدي حدودك مرات دفاعًا عما تحب، نعم يكونُ الحُبُ هو السببُ في ذلك الشعور الإنساني البحت؛ نعم ذلك شعورٌ إنسانٌ بحت وليس ضربًا من الجنون أو الحمق، شعورٌ يُسمى الغيرة، وهي شعورٌ طيبٌ في ذاتها، نبيلةٌ في أصلها، منبعُها الحب، ودافعها التملك حُبًا لا تقييدًا؛ هي ردُ فعلٍ طبيعي حين يتم التعدي على مُقدساتك؛ أن نغار بشدةٍ على شيءٍ نُحبهُ، أن نقسو عليه حين نغار ولنا في هذا كاملُ الحق، أن نغضب بشدةٍ على شيءٍ غِرنا بسببه وأزعجنا للحد الذي ضيق الآفاق في صدورنا فأبدينا غضبًا عرمرمًا يوازي الحُب الذي في صدورنا، الحُبَّ الذي نكنهُ لهُ في أرواحنا، لإننا ندافع عن ما يخصنا، ندافعُ بإستماتةٍ وحُرقةٍ تعني الكثير في معانيها لمن يتفهمها، ولا يحرقنا أكثر من الغيرة هو عدم التفهم لم غِرنا، ووصفنا بالمبالغة، وعدم التفهم، والأسوء من ذلك الذين يتحدثون عن الغيرة بشكلٍ سيءٍ وكأنها ليست فطرةً فُطرنا عليها؛ لا تُخبرني بأعذارٍ واهية كالتفهم والإنفتاح وال open minded وغيره، لا شيء يسوغُ ذلك قط، لإن الغيرة حُب ومن لا يغار لا يُحب؛ وسدًا لذرائع أصحاب الحرية الزائفة القائلين بإنه ليس الكل تفكيرهُ سيء، – أصحاب القلوب النظيفة على حد قولهم- الذين يتحججوا ويتعذروا بذلك وهم في ذواتهم يعلمون خطأ قولهم، إذا سيدُ الثقلين صلى الله عليه وسلم من هو أطهرُ من أهل الأرضِ أجمعين كان غيورًا، حتى لخديجةِ رضي الله عنها حبيبةُ القلبِ ولبُ الفؤاد حتى بعد وفاتها مازال مُحتفظًا بمكانتها وبحبه لها في قلبه، حفظ مكانتها ومنزلتها في القلب ودافع عنها أمام عائشة رضي الله عنها أيضًا في موقفٍ بديعٍ في سيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم، وأيضًا كان النبي صلى الله عليه وسلم يغار كثيرًا على زوجاته، وحصل موقفٌ بينه عليه الصلاة والسلام وبين عائشة حين دخل عليه الصلاة والسلام ووجد رجلًا قاعدًا عندها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وأشتد وجهه، هذا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأطهر خلق الله نيةً وتفكيرًا غار على من يحب، كان من هو بالطهارة أطهر منكم، ومن بحسن الظنِ أفضلُ منا يغارُ، فكيف بنا نحن …. الغيرة ليست شجارًا وعصبيةً؛ الغيرة دفاع عن ممتلكات القلب، ومن لا يغار لا يُحب.