كنت أعرف أنّهم سيقولون عني مجنون، مخبول، أهبل، (الله يشفيك)، (بلا تخويث)، إلى آخر الأوصاف الجاهزة المعلّبة بعلب (الذكاء وسعة الصدر)، لكنّي قررت، وحسمتُ أمري ودخلت الصيدلية:
– مرحبا، بدّي بطارية تلفون نوع سامسونج جراند تو.
– يا أخي هاي صيدلية مش محل خلويات.
– غريب!!
خرجتُ من الصيدلية وأنا أحمد الله أنّ الصيدلي لم (يتناولني بقنينة دوا)، وقلتُ لنفسي (حاول في مكان آخر)، ولمّا كان محل الخضار والفواكه أمامي فلم أتردد في الدخول إليه، كان صاحب المحل رجلٌ ملتحٍ، فقلتُ بأدب:
– السلام عليكم مولانا.
– وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
– مولانا بلقى عندك بطارية تلفون نوع سامسونج جراند تو!!
– روح روح يابا، الله يشفيلك عقلك.
انسحبت بخفّةٍ وهدوء لأنّني شعرتُ بنبرة صوته العدائية، وقررت الذهاب إلى أقرب مطعم:
– سلامات يا معلم.
– أهلاً يا أستاز، تفضل، نخدمك بإيه!!
– العفو، بدّي بطارية تلفون نوع سامسونج جراند تو.
– إنتا حتستعبط يا بيه !!
– لا سمح الله !! أنا بحكي جد.
– روح يا بيه روح وخلينا نشوف رزقنا، يا مسبت العقل والدين.
خرجتُ من المطعم وقد قررت أن يكون محل قطع السيارات المستعملة آخر مكانٍ أدخله مغامراً بروحي، وداعياً أن يكون أقرب شيء ليد صاحب المحل (باب سيارة ثقيل) وليس مفكّات براغي:
– يعطيك العافية.
– الله يعافيك.
– عمّو بلقى عندك بطارية تلفون نوع سامسونج جراند تو!!
– طبعاً بتلاقي.
– بتتخوث عمّو!!
– لا عمّو ما بتخوث، ليش مستغرب تلاقي عندي بطارية تلفون!!.
– لأنّه محلك مرخّص محل قطع سيارات مستعملة ومش مرخّص خلويات واكسسوارات.
– عمّو شو يعني !! عندك مجلس نوّاب وظيفته تشريع ورقابة، وبتلاقي عنده مهام أخرى، بتلاقي خدمات، واسطات، إصلاح ذات البين بين الحكومة والنقابات، بتلاقي جاهات ووجاهات، ومستكثر علي أبيع بطاريات تلفونات!!
أفحمني ردّه المباغت، واضطررت لشراء بطارية تلفون نوع سامسونج جراند تو رغم عدم حاجتي إليها، ثمّ توجّهت إلى نائب منطقتنا، وقلتُ له بعد السلام:
– بلقى عندك مفتاح جنط سيارة مستعمل قياس 19!!
آححححححححح قلتُ وأنا أمسحُ الماء البارد الذي ملأ وجهي فور انتهائي من لفظ آخر كلمة.