الزنزانة واسعة ومخيفة
أجمع فيها كل أفراحي
وأرميها من ثقب العذاب إلى الآخرة
أنفض من أعلى حيطانها
حرمة أناملي الوحيدة
وإثنتا عشر غرزة غائرة في ساقي.
*
يا أبي
أتخيل ظلك كباب عليها
و أتخيل زهور حديقتنا فستانًا دافئًا
لصدري العاري
وسقفها الصدى بيتنا الكبير.
*
يا أبي
كل روايات الحب التي قرأتها
بأثر خطواتنا المليئة بالغبار
برغيف مدجج بالمحبة
وعرق أمي اللذيذ
تأتي الذكريات كهيئة ملاك عابر
يطرق على رأسي ألف قصيدة
ويفر هاربًا إلى الغياب
يترك خلفه وجهي البائس
وعلى قارعة الأمكنة فوضى البشر.
*
يا أبي ها أنا
أملأ ذاكرتي بركام المسافة
بالطين العالق على عنقي
بالكفن الأخضر تحت شجرة الياسمين
بالأيام المباركة
التي لا تمتطي أحلامي
أو تفتح لي سرداب الحظ بالخطأ.
*
يا أبي ها أنا امرأة مدمرة
وطريدة في ليل الخطيئة
أفترش البرد بجنون
والوقت بالنسيان
وأرتق الفراغ بأنوثتي المغتصبة
أترك خلفي خصلة من شعري
يخيطون بها وجع العمر
ورائحة الدم المتناثر بالحسرة
أترك خلفي نجمة
يضاجع الخوف بريقها ويمضي.
*
يا أبي ها أنا وحيدة
أصافح أنياب الحياة
ورأسها الأبلة يرتطم
بكل الإتجاهات على جسدي
بمتحرش يروي
ضمأ الذباب على جرحي
جرحي الحاد كملامح الهزيمة
كطيف الوجع والدموع
كطيف ينير ألف مصباح من رتابة الحزن .
*
يا أبي
الزنزانة واسعة ومخيفة
يدخل إليها رجل ضال
ربما هو من زمن الألفة
ربما تاه في زحام الانتظار
وعاد مجبرًا ليتذوق الآلام معي.
