الرُّوحُ
فَريِسةٌ للأَوْرَامِ فِي اللّيْل
وَالعَيْنَانِ يَنْهَمِرُ مِنْهُمَا الرَّمَادُ
وَالنّهَارُ بَيْنَنَا طَائِرٌ جَارِحْ
كَانَ اسْمُكِ مُمَدَدًا عَلىَ خَطِّ الزّوّال،
وَكَانتِ شَمْسُ الصّحْرَاءِ،
تَشْويِ شَفَتَيَّ لَحْظَةَ التَّهَجّيِ،
وَكُنْتُ مُقَيّدًا إلىَ ظِلٍّ طَاعِنٍ
فِي الرَّحِيلْ.
وَالقَيْظُ مَدٌّ وَجَزْرُ
وَهَذَا الوُجودُ مُرَاوِغْ
نَثْرٌ كُلُّ مَا فِيّ
وَشِعْرٌ كُلُّ مَا فِيكِ
أَتَلمَّسُ قَصَيِدَتِكِ كَأَعْمَى،
يُضَللُهُ مُبْصِرونْ أُمّيُّو القُلُوبْ.
بُنْدُقِيّتِي
لا تُجِيِدَ التّصْويِبَ إلا عَلَى رَأْسِي،
وَالعَطَشُ مِرْآَتِي الخَائِنةُ،
كُلَّما قَذَفْتُهَا بِحَجَرٍ،
تُوَاجِهُنِي بِنَخْرٍ فِي عِظَامِي.
وَكَمَا يَليقُ بِرَاعٍ فَرّتِ شِيَاهُهُ،
وَحَاصَرَتُهُ الذِّئابُ،
سَأُشْعِلُ النَّارَ فِي مَضَارِبِ قَبِيلَتِي،
وَأَسْتَلُّ مِنَ الجَحِيمِ قَمِيِصًا
أَعْبُرُ فِيِه إلَى البَرَارِيِ وَالحُقُول.
حَيْثُ لا أَرْضَ تَطَأْهَا قَدَمَاي
إلا وَأَصْبَحَتِ مُتَّكَأً لصَهِيلي
هَلْ رَمَّمْتِ عَيْنَيّ؟
وَهَلْ كَنَسْتِ فِيهمَا
الغَيْمَ وَالرّمَادَ وَعَفَنَ التَّارِيخْ؟
رَبّتِي عَلىَ الزَرَازِيرِ الخَائِفَةِ
فِي نَخْلاتِهمَا العَوَالي
وَحْدَهَا تُصَلي بِاسْمِكِ
وَتَمْحُو أُمّيَّةَ السَّمَاءْ
إنَّنِي الآَنَ أُبْصِرُ أُمّيِ
قَادِمَةً مِنْ دُخَانِ المَعَارِكِ
وَالمَصَانِعِ وَحُجُرَاتِ الدِّرَاسَةِ،
تُعَاتِبُنِي عَلَى صَمْتِي فَأقُولُ:
لَمْ أَعُدْ أَسْتَطِيعُ الكَلامَ
لأَنّيِ فَقَدتُّ لسَانِي
بِقُبْلَةٍ طَائِشةْ.
وَأُمِّي تَفْرِدُ الآَنَ شَعْرَهَا
مِظَلةً وَتُنَادِي شِيَاهِي
وَتُغَنِّي لتُنَظِّفُ أُذُنَيَّ مِنْ عِوَاءِ الذِّئَابْ.
فَأَتَهَجَّى اسْمَكِ مِنْ أَوّل الشَتَاتِ
إلىَ آَخِرِ الفَرَحِ الَّذِي لا يَجِيءْ