لصحيفة آفاق حرة
________________
اصدقائي :
بيتنا عمارتين متجاورتين ….واجزم انهما شبه متلاصقتين …..الاولى طابقين اقطن وعائلتي العلوي ….وتحتنا شقتين مؤجرتين ….
والعمارة الثانيه ثلاث طوابق وست شقق العلويتين غير جاهزتين …..
وماتحتها أربعٌ شققٍ الايجار والاستثمار .
اقبلت قاصدةً بيتنا متثاقلةً بحملها ….تحمل جنيناً او اكثر في احشائها….
هل لديكَ شقةٌ للايجارِ ياحاجْ…. صوتها وشكلها ومشيتها والكلف يعلو وجهها …..في الشهر الاخير من حملها ….. من اين انت يابنتي …… درعا موطني …..
والنعم يابنتي …. الى اي عشيرة تنتمي….. ترددت قليلاً وتلعثمت ….ان الحاج يعرف كل عشائر بلدتي ….وسيرفضني عندما يعلم بحقيقة اسرتي ….
ترددت وتلعثمت شجعتها انطقي يابنتي …..بتردُّدُكِ تخفي وراءكِ سراً يابنتي ….. فاضت عيناها ولا احتمل اللؤلؤ من عيون بناتي وعزوتي …..تمالكتُ نفسي وربطتُ جأشي لكي لا تجاري دموعها دمعتي …..وتشجعت وسألت وبعدها أردفت …..افلسطينيةٌ انت يابنتي ….. نعم ياسيدي لكنني مضطرةٌ للرحيل قبل ولادتي ….
أجبتها :
كل أهل فلسطين عزوتي …..المهندس يحيى عياش من رؤوس عشيرتي ……تفتخر به حوران وكل اهالي بلدتي….
ان لم تعجبك شقتي ستنجبي عند زوجتي وفي بيتيَ العلوي في شقتي…. انكِ بعهد الله ابنتي …..تشطيباتٌ ويُصبِحُ نُزُلك جاهزٌ يابنتي….. يامن ستصبحين جارتي ….. تفتحت اساريرها الحمد لله اليوم وجدتُ ضالتي….لاأعرفُ كيف اشكرك ياأبي ….. اليوم أبدأ ترحيلَ بيتي الى بيتي …..لا لم يجهز …..بعد ثلاثة ايام تصبحين جارتي ….
مضت والبشاشةُ على وجهها
واخبرتُ بحوارنا زوجتي ….
حتى تستقبلها اذا جاءت وكنتُ في غيبتي ….استقرت شهر ولحقها المخاض وأنجبت من اعتبرتها مثل ابنتي انها جارتي …..بعمر ابنتيَ الوسطى نزيلتي…..قومي بالواجب يازوجتي …. نفساءُ جارتنا ياحبيبتي ….. ماذا اعطى الله جارتنا يازوجتي …… طفلةً كالقمر في كبد السماء الصغيرةُ ضيفتي …..المهم الخلاص والخلقة مثل الناس ……ياعزيزتي….مضى الشهر واشتدَّ عليَّ القهر .
هجرَ النومُ جفوني ….تقلقني آهات الوليدة تحت شباك غرفتي …..صراخها يُصمُّ آذاني نشيح متواصلٌ طوال ليلنا ياجاراتي…. يابنتي يانزيلةَ شقتي…… اسكتوا ابنة الارض والشمس ….التي وُلِدت من خصرها كلُّ حكايتي…..فهي قاتلتي ببكائها….. وبكاؤها رجعُ حداءٍ بأسرابِ ذاكرتي……نحيبها بدمي يسري …..من التصحُّرِ من بعد انكسارتي …….هذه السكنى ليلٌ طالت جدائله السوداء ياسادة الدمع رفقاً بدمعتي !!….الا يوجدُ كاتمٌ للصوت ….ولو كتموا صوتها في وُجداني يجري دمعها …..وتتبعها دمعتي ….
اغمضُ عينيَّ دون نومٍ اتساءل اين أمها….سأقرع باب شقتها ……
لاردٌ ولا همسٌ يوحي بوجودها….
من خلف الباب أسمعُ نشحها ياويلتي …..ابنة الشمس التي لاتنطفي …. ولمثلها ربُّ الورى لم يخلقِ ……أقريكِ من قلبيَ الكرسي والكثيرُ من ادعيتي… لعلَّ الله يسمعها فيجيبها بمسددٍ ….ومظَفَّرٍ …..وموَفَّقِ …..قرعتُ الباب المقابل لجارتي …..قالت:
لانعرفها لاختلاط لنا بها …..تخرج بلا موعدٍ لها لاأحد يعرف وجهتها…… تكررت زياراتها مع اهمالٍ متعمدٍ لرضيعتها المظلومة تلك الطفلةِ……
لثاني مرةٍ أقابلها ياجارتي!؟
غيابك يقلقنا ويدخل الفأر في عبِّنا …..اجابت دون تلعثمٍ ….قضيت الليل في مخيمنا والتي قبلها في حي المنشية…. هذه الجمل المقتضبة
زادت من ارتيابي بها وحيرتي…..صوتها حرفها هلاكٌ لأعصابي في اعوجاجهما….لم يستقيما للتصديقِ رغم انحناءتي……اصبحتُ في نصفِ وهمٍ بعد اكتمال سراب حديثها….. صرتُ كلَّ الوهم وتاهت الافكار في رأسي واصاب الاقياء معدتي…..
نسجَ الضياعُ اضلعي ….. حين دخل كلامك يانزيلتي مسمعي….. قد يكون بحزني على حياةِ وليدتكِ مصرعي ….. برودةٌ في ردها
قالت :
ماذا اصنع لها !؟
أُكَفِّلها وأُرضعها وبعد ذلك مجبرةٌ اهجرُ مضجعي …..
اطلاق نارٍ متقطع القناصة في كل مكان نارٌ على كل متحرك يجري على مسمع الحيِّ ومسمعي …..
السيارة جاهزة امام شقة نزيلتي…..
ماهذه الجسارة في وضح النهار
أاصبح الفحش جهاراً ونهاراً ياجارتي ……ياليتني لم ارتكب هذا الاثم بايوائك ياعزيزتي …..وأصبحتُ أشهد جرح سكناك وخافقي معذبي…… لالأمن يرحمني ولاسيف الأمان ….فمتى ترحلي من قبالتي… أنتِ وأنا من المواجع الى المواجعِ مهربي…..ركبت السارة برفقةِ صاحبنا المجهول …..دون أيَّما اكتراثٍ بنظراتِ من حولها ونظرتي ….وانطلقا غرباً القناص اوقفهما لبرهةٍ بطلقةِ تحذيرٍ لم يتورعا لن يرجعا ….جازف رفيقها بحياتها وحياته …..
بسرعة البرق انطلقا لعلَّ غفلةَ القناصِ ترحمهما……متيقظٌ لهما ارداها في رأسها……ادخلها في الغيبوبة….
لم يكن القناص ليصيب غيرها ويخطؤها
وضعها صاحبها في فوَّهةِ بندقيتهِ …..
تعاظمت محنةُ ابنتها وكذلك محنتي…..الى مشفى الميدان وجهتها لستُ شامتاً بها …..اظن ان جزاؤها من جنس عملها والفعلةِ…..
ليرحمها الله ويرحمني…..بعد ايام عاد بها زوجها ….الى اين ياجارنا….الى مشافي الاردن وجهتها ووجهتي….
غاب عنا ذكرها بعد ان ارتحل وراءها واطفالها …..بعد خمس سنين باربدالتقيته صدفةً ربُّ اسرتها كيف اطفالك ياجارنا بعد المرحومة شهيدتنا زوجتك جارتي ….قلت في نفسي متمتماً :
…. أذكروا محاسن موتاكم لم اجرؤ بإخبارهِ عن تكرار غيابها ….اننا في مخيم الزعتري اقامتنا ….. وطفلتك المنحوسةُ مقلقتنا ؟ …. نعم لم تمت رغمَ بكاء الجوع طفلتنا….
وبعد شهورٍ تعافت زوجتنا…..ياألله من له عمُرٌ لن يهان بشدَّتي….
وغداً موعدها بلقاءٍ يعيد لها كرامتها واجر صنيعها في قناة العربيةِ …..تحت عنوان عريضٍ( اعظم ممرضة بدرعا في معمعة القتل انها المسعفةِ)
لازلت اجهل اسمها انها العظيمة المضحية بجديد ماأضنت الأم الفلسطينية نزيلتي…. ضحَّتْ بأطفالها من أجل بعثِ الروحِ لجرحى بلدتي….. من اجل اعادة الامل والروح لجريحِ بلدتنا انها نزيلةُ شقتي …..
اصدقائي :
بعدها استغفرتُودعوتُ اللهَ
أن يغفر لي ماعتقدتُ وظلمتْ
وكان عدم بوحها بذهابها العشوائي وايابها هو حفاظٌ على سرية مواقع جرحى امتي.
كثَّر الله من امثالك يانزيلة شقتنا الام الفلسطينية ….والممرضه والطبيبه ياجارتي في شقتي.
________
درعا – سوريا
